المدرَكة بالبصر، وخُصّ الخُلْق بالقُوَى والسّجايا المدركة بالبصيرة. قال تعالى: لنبيّه صلَّى الله عليه وسلَّم {وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} قال: ابن عباس رضى الله عنهما: لعَلَى دِين عظيم لا دين أَحبُّ إِلىّ ولا أَرضى عندى منه وهو دين الإِسلام. وقال الحسن: هو أَدب القرآن. وقال قتادة: هو ما كان يأْتمر به مِن أَمر الله ويَنْتَهى عنه من نَهْى الله. والمعنى: إِنَّك لعلى الخُلُق الَّذى آثرك الله تعالى به فى القرآن. وفى الصّحيحين أَنَّ هشام ابن حَكِيم سأَل عائشة عن خُلُق رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقالت: كان خُلُقه القرآن.
واعلم أَنَّ الدّين كلَّه خُلُق. فمن زاد عليك فى الخُلُق زاد عليك فى الدين، وكذا التصوّف. قال الكتَّانى: هو خُلُق، فمن زاد عليك فى الخُلُق زاد عليك فى التصوّف. وقيل: حسن الخُلُق: بَذْل النَّدى، وكَفُّ الأَذَى. وقيل: فَكُّ الكفِّ، وكفُّ الفكِّ. وقيل: بذل الجميل وكفُّ القبيح. وقيل: التخلى من الرذائل، والتحلِّى بالفضائل. وهو يقوم على أَربعة أَركان لا يُتصوّر قيام ساقِه إِلاَّ عليها: الصّبر والعفَّة والشَّجاعة والعدل.
فالصبر يحمله على الاحتمال وكظم الغيظ وإِماطة الأَذى والحلم والأَناة والرِّفق وعدم الطَّيش والعجلة.