وَفِي شرح الْمُهَذّب فِي بَاب التَّيَمُّم لَو أدْرك الإِمَام فِي رُكُوع غير الْأَخِيرَة فالمحافظة على الصَّفّ الأول أولى من الْمُبَادرَة إِلَى الْإِحْرَام لإدراك الرَّكْعَة.
وَأما كَون كل مَكْرُوه فِي الْجَمَاعَة يسْقط الْفَضِيلَة فَهَذَا أَمر مَعْرُوف مُقَرر متداول على أَلْسِنَة الْفُقَهَاء يكَاد يكون مُتَّفقا عَلَيْهِ هَذَا آخر مَا كتبت.
وَقد أوردت فِي هَذِه الأوراق تَحْرِير مَا قلت بعد أَن تعرف أَن الْفَضِيلَة الَّتِي نفيتها هِيَ التَّضْعِيف الْمعبر عَنهُ فِي الحَدِيث ببضع وَعشْرين لَا أصل بركَة الْجَمَاعَة وَسَيَأْتِي تَقْرِير الْفرق بَين الْأَمريْنِ ثمَّ الْكَلَام أَولا فِي تَحْرِير أَن هَذَا الْفِعْل مَكْرُوه من كَلَام الْفُقَهَاء والمحدثين.
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب فِي بَاب الْجَمَاعَة اتّفق أَصْحَابنَا وَغَيرهم على اسْتِحْبَاب سد الْفرج فِي الصُّفُوف وإتمام الصَّفّ الأول ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى آخرهَا وَلَا يشرع فِي صف حَتَّى يتم مَا قبله. هَذِه عِبَارَته.
وَلَا يُقَابل الْمُسْتَحبّ إِلَّا الْمَكْرُوه فَإِن قيل يُقَابله خلاف الأولى قلت الْجَواب من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن الْمُتَقَدِّمين لم يفرقُوا بَينهمَا وَإِنَّمَا فرق إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَمن تَابعه الثَّانِي أَن الْقَائِلين بِهِ قَالُوا هُوَ مَا لم يرد فِيهِ دَلِيل خَاص وَإِنَّمَا اسْتُفِيدَ من العموميات وَالْمَكْرُوه مَا ورد فِيهِ دَلِيل خَاص وَهَذَا قد وَردت فِيهِ أَدِلَّة خَاصَّة فضلا عَن دَلِيل وَاحِد فَمن ذَلِك الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْفَتْوَى وَقد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أنس.