الطيران فَكَادَتْ نَفسك أَن تزهق من خوف الرَّحْمَن فَإِذا نظر الْملك الْمُوكل بسوقك وَقد تغير لونك وتحير لبك علم أَنَّك أَنْت المنادى باسمه فَإِذا كنت من أهل النِّفَاق والعصيان للْملك الخلاق نظر على وَجهك ظلمَة الذُّنُوب فَعلم أَنَّك عَدو لعلام الغيوب فَجمع بَين ناصيتك وقدميك غَضبا لغضب الله عَلَيْك
قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى {يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذ بالنواصي والأقدام} الرَّحْمَن 41 وَإِن كنت من أهل الرشاد والتوفيق والسداد الَّذين وفوا الله بالميعاد وخافوا مَوْلَاهُم رب الْعباد أَخذ بِيَدِك الْملك وقادك يجوز بك بالرفق وَرفع الْخَلَائق أَبْصَارهم إِلَيْك وتمنوا مثل مَا من الله عَلَيْك وَأَنت سَائِر إِلَى رَبك ليجازيك بسعيك ويعدل عَلَيْك بكسبك فَلَمَّا انْتهى بك الْملك إِلَى سُلْطَان العظمة فَإِن كنت من أهل السّير الصَّالح فِي الدُّنْيَا سترك جلّ جَلَاله بِالنورِ وَأبْدى لَك الْبُشْرَى وَالسُّرُور وقربك وأدناك وفضلك وحاباك فَلم يطلع على حِسَابك ملك وَلَا نَبِي وَلَا رَسُول إِلَّا الْملك الْجَبَّار الَّذِي لَا يحول وَلَا يَزُول فَيَقُول لَك عَبدِي أَنْت الَّذِي كنت تسهر والعباد نائمون وتصوم والعباد يشبعون وتبكي والعباد يَضْحَكُونَ وتحزن والعباد يفرحون وتخافني والعباد آمنون أَنْت الَّذِي كنت تجتهد فِي عبادتي والعباد بطالون وَتَتَصَدَّق والعباد يَبْخلُونَ وتبذل الْمَعْرُوف بَين عبَادي وَالنَّاس يمْنَعُونَ
يَقُول الْمولى جلّ جَلَاله فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي وملكي ومجدي وكبريائي وعظيم سلطاني وقدرتي على جَمِيع الْعباد لأومنن روعك ولأبيحنك جنتي ولأوسعنك مغفرتي ورحمتي ولأعطينك من جزيل ثوابي وَحسن مآبي مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر
ولأبيحنك النّظر إِلَى وَجْهي ولأرفعن قدرك وجاهك ولأشفعنك فِي إخوانك وَأهْلك وأحبابك وَجِيرَانك من أهل الذُّنُوب والخطايا
يَقُول الْمولى جلّ جَلَاله يَا عَبدِي أخرج إِلَى موقف الْحَشْر فَانْظُر إِلَى من لَقِيَنِي من أهل الذُّنُوب على التَّوْحِيد قد شفعتك فِيهِ خُذ بِيَدِهِ وَانْطَلق بِهِ إِلَى الْجنَّة