معالم السالفين وَاتبع اثارهم الْبَاقُونَ
وَمن ذَا الَّذِي يقوم بخلود الدَّهْر غَيْرِي وَمن ذَا الَّذِي ينفع دوَام الْأَبَد غَيْرِي عجزت عَن الخلود الْجبَال الراسيات والأطواد العاليات والبحار الطاميات
أَنا الَّذِي تفردت بِالْبَقَاءِ وحكمت على عبَادي بالفناء أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا لَا شريك معي فِي ملكي وَلَا نَظِير لي فِي حكمي وَلَا ضد لي فِي سلطاني
وأنشدوا
(أما وَالَّذِي لَا خلد إِلَّا لوجهه ... وَمن لَيْسَ فِي الْعِزّ المنيع لَهُ كفو)
(لَئِن كَانَ هَذَا الْعَيْش مرا مذاقه ... لقد يجتني من غثه الثَّمر الحلو) 168
وَاعْلَمُوا أَن الله تبَارك وَتَعَالَى مسائلكم عَن الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة والخفية والسريرة وَعَن كل مَا قل وَمَا دق وَمَا جلّ لَا يغْفل عَن شَيْء يجد العَبْد مَا عمل حَاضرا وَيجْزِي بِهِ وافرا وَيسْأل عَمَّا عمل سرا وظاهرا {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا} آل عمرَان 30 تَجِد وَالله الْقَلِيل وَالْكثير والنقير والذرة والقطمير
وأنشدوا
(وَالله لَو بكينا طول الْأَيَّام ... بدمع هامل سجام)
(وفررنا من الْأَهْل والأوطان ... إِلَى الْجبَال والآكام)
خوفًا من ذَلِك الْمقَام لَكِن ذَلِك لنا قَلِيلا خوفًا من سُؤال الْملك العلام
فَكيف وَنحن لَا نفيق من الغفلات وَلَا ننتبه من السكرات وَلَا نَخَاف يَوْمًا نجد فِيهِ الْحَسَنَات والسيئات ونسأل عَن الْمَظَالِم والتبعات كَمَا قَالَ الَّذِي فطر الأَرْض وَالسَّمَوَات {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا} آل عمرَان 30
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (إِن الله تَعَالَى يَخْلُو بِعَبْدِهِ يَوْم الْقِيَامَة لَيْسَ بَينه وَبَينه حجاب وَيَقُول لَهُ عَبدِي عملت كَذَا وَكَذَا فِي يَوْم كَذَا أما علمت أَنِّي مطلع عَلَيْك يَا عَبدِي أفجعلتني أَهْون الناظرين إِلَيْك أما استحييت مني أما استحيت من ملائكتي أما خفت من عقابي عَبدِي أرويتك من المَاء الْبَارِد وقويت جسمك ووسعت عَلَيْك من سَعَة رفدي فعصيتني حَتَّى إِن العَبْد ليذوب حَيَاء من الله ويغمره الْعرق حَتَّى يكَاد يَمُوت من الْفَزع ثمَّ يَقُول العَبْد يَا رب النَّار أَهْون عَليّ من حيائي