الرسَالَة فَينْظر نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْموقف يَمِينا وَشمَالًا ومشرقا ومغربا يَتَّضِح ويتبصر من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَبَين كراسي الشُّهَدَاء وَالصديقين فَلَا يرى فِي المنابر أعلا وَلَا أنور وَلَا أحسن وَلَا أزهى من مِنْبَر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلَا يرى فِي الْأَنْبِيَاء أحسن وَجها من وَجه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يرى نوح فِي الكراسي أنور وَلَا أحسن من كراسي أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يرى أبهى وَلَا أنور وَلَا أحسن من كرْسِي أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ
وَلَا يرى فِي الْوُجُوه أحسن وَجها من وُجُوه أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يرى فِي الصديقين وَالشُّهَدَاء أحسن وَلَا أبهى وَلَا أنور من وَجه أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ
فَيَقُول لَهُ نوح قد أصبت من يشْهد لي يَا مولَايَ وسيدي فَيَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى وَهُوَ أعلم من يشْهد لَك يَا نوح فَيَقُول نوح عَلَيْهِ السَّلَام يشْهد لي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته بِأَنِّي قد بلغت قومِي الرسَالَة فينادي مُنَاد أَيْن النَّبِي الْأُمِّي الْعَرَبِيّ التهامي أَيْن أَحْمد أَيْن سيد الْعَالمين أَيْن خَاتم النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ أَيْن إِمَام الْمُتَّقِينَ فَعِنْدَ ذَلِك يقوم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعند ذَلِك يرفع أهل الْجمع رؤوسهم إِذا رَأَوْا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيمضي صلوَات الله عَلَيْهِ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى ربه عز وَجل فَيَقُول لَهُ ربه يَا أَحْمد ونوح قَائِم ينظر مَا تَقول هَل بلغ نوح الرسَالَة إِلَى قومه فَيَقُول مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم يَا سَيِّدي ومولاي قد بلغ وَأقَام يَدعُوهُم إِلَى الْإِيمَان ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما
فَيَقُول الْجَبَّار جلّ جَلَاله صدقت يَا أَحْمد
فَعِنْدَ ذَلِك يفرح نوح عَلَيْهِ السَّلَام ويتهلل وَجهه
ثمَّ يَقُول الله تَعَالَى يَا مُحَمَّد هَلُمَّ أمتك إِلَى الْحساب وَالشَّهَادَة فَبَيْنَمَا الْخَلَائق فِي الْموقف إِذْ يموج بَعضهم فِي بعض ويفزعون فزعة عَظِيمَة فتجتمع كل أمة حول نبيها وَتنظر أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمِينا وَشمَالًا فَلَا يرَوْنَ النَّبِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والأمم قد أحدقت بأنبيائها وَينظر الْأَنْبِيَاء والأمم إِلَى مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِيا
فَيَقُول بَعضهم لبَعض لمن هَذَا الْمِنْبَر الَّذِي لَا يرى فِي الْموقف مثله لحسنه