الْمَوَاضِع المرتفعة وَاحِدهَا عرف وَتسَمى النشز من الأَرْض وَهُوَ الْموضع الْمُرْتَفع عرفا وَمِنْهَا عرف الديك
فَإِذا صَار على تِلْكَ الْمَوَاضِع من الصِّرَاط نقص نورهم وبقوا على أَطْرَاف أنامل أَرجُلهم وَرَأَوا أَن ذَلِك ظلمَة وَذَلِكَ أَن الْخلق على الصِّرَاط على قدر أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا فَمن النَّاس من يكون لَهُ من النُّور مَا يضيء على الصِّرَاط مسيرَة مائَة عَام وَمِنْهُم من يُعْطي من النُّور مَا يضيء لَهُ مسيرَة سنة وَمَا يضير مسيرَة شهر ومسيرة جُمُعَة ومسيرة يَوْم ومسيرة سَاعَة وَمن النَّاس من يُعْطي من النُّور مَا يضيء لَهُ مَوضِع قَدَمَيْهِ
على قدر مَنَازِلهمْ عِنْد الله تبَارك وَتَعَالَى وعَلى قدر أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا فيستبقون فِي الْجَوَاز على قدر أنوارهم الَّتِي مَعَهم فَمن كَانَ لَهُ نور كثير جَازَ فِي السعَة وَمن كَانَ لَهُ نور قَلِيل جَازَ فِي الضّيق على قدر مَا أعْطى الله لكل عبد فَإِذا ثَبت أَصْحَاب الْأَعْرَاف على أنامل أَرجُلهم فِي ذَلِك وَلَا ينظرُونَ إِلَى مَوضِع أَقْدَامهم من شدَّة الظلمَة والظلمة هِيَ شدَّة سَواد جَهَنَّم أعاذنا الله وَإِيَّاكُم مِنْهَا وَسَهل لجميعنا شدائدها وظلمتها وَثَبت على الصِّرَاط أقدامنا بمنه وفضله
والصراط أحد من السَّيْف وأرق من الشعرة وأحر من الْجَمْر عَلَيْهِ من الحسك والكلاليب أَكثر من عدد الْإِنْس وَالْجِنّ قد تعلق بِكُل كَلوب من الزَّبَانِيَة عدد نُجُوم السَّمَاء إِذا تكلم وَاحِد مِنْهُم تناثر النَّار من فِيهِ لَو أَن وَاحِدًا مِنْهُم بَصق فِي الْبحار الزاخرة لجففها وَإِذا تكلم وَاحِد مِنْهُم فزع صَاحبه مِنْهُ وَلَو سمع أهل الدُّنْيَا صَوت وَاحِد يتَكَلَّم بالْكلَام لمات كل من فِيهَا من إنسها وجنها وَجَمِيع مَا خلق الله تبَارك وَتَعَالَى فِيهَا من برهَا وبحرها من فظاعة كَلَامه وَمن شدَّة صَوته وَإِذا صَاح مَالك خَازِن جَهَنَّم على خَزَنَة جَهَنَّم يغشى عَلَيْهِم من شدَّة صَوته
والصراط مَعَ دقته ورقته يضطرب كَمَا تضطرب السَّفِينَة بِأَهْلِهَا إِذا كَانَت الرّيح عَاصِفَة فَإِذا ثَبت الْقَوْم على أناملهم من أَرجُلهم وَلَا يَسْتَطِيعُونَ الْجَوَاز وهم ينظرُونَ إِلَى أهل النَّار كَيفَ يُعَذبُونَ فِي النَّار قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا صرفت أَبْصَارهم تِلْقَاء أَصْحَاب النَّار قَالُوا رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين} الْأَعْرَاف 47 وهم يستغيثون ويتضرعون إِلَى مَوْلَاهُم جلّ جَلَاله ويسألونه النجَاة من النَّار وَمن هول مَا هم فِيهِ من صعوبة الصِّرَاط فيمكثون كَذَلِك مَا شَاءَ الله تبَارك