131 - هَؤُلَاءِ الَّذين ذكرهم الْمولى جلّ جَلَاله بقوله {وعَلى الْأَعْرَاف رجال} الْأَعْرَاف 46 هم قوم اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم فحبسوا على الْأَعْرَاف والأعراف هِيَ مَوَاضِع مُرْتَفعَة على الصِّرَاط لِأَن الصِّرَاط سبع قناطر وَهِي الجسور بَعْضهَا أصعب من بعض وَبَعضهَا أَشد سؤالا من بعض وَبَعضهَا أَكثر ارتفاعا من بعض وَعند كل جسر يسْأَل العَبْد فِيهَا عَن عِبَادَته الَّتِي افترضها الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا
فنسأل الله التَّوْفِيق فِي الدُّنْيَا والتسهيل فِي الْآخِرَة فِي تِلْكَ المقامات
فَأول مَا يسْأَل عَنهُ العَبْد الصَّلَاة ثمَّ الزَّكَاة ثمَّ الصّيام ثمَّ الْحَج ثمَّ الْأَمَانَة ثمَّ بر الْوَالِدين ثمَّ حفظ اللِّسَان ثمَّ حفظ الْجَار ثمَّ صلَة الرَّحِم وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا أَمر الله عزو وَجل بِهِ وَجَمِيع مَا نهى عَنهُ فَكل من جَاءَ إِلَى جسر من جسور الصِّرَاط سُئِلَ عَن عِبَادَته فَإِن أجابها جَازَ وَصَارَ إِلَى الْجنَّة وَنور الْإِيمَان يسْعَى بَين يَدَيْهِ وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَإِن لم يَأْتِ بهَا نقص نوره وَهُوَ نور الْإِيمَان لِأَن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص يزِيد بِطَاعَة الله وَينْقص بِمَعْصِيَة الله فَكل من نقص ثَوَابه بالمعصية نقص نوره على الصِّرَاط
فَمن أَرَادَ مَوْلَاهُ أَن يعذبه أتم لَهُ النُّور فِي بعض جسور الصِّرَاط وطفأ النُّور عَنهُ فِي بعضه والصراط أسود مظلم من شدَّة سَواد جَهَنَّم لَو أَن قَطْرَة من ظلمَة الصِّرَاط وضعت فِي الدُّنْيَا لأظلم مشرق الدُّنْيَا وَمَغْرِبهَا ولمات الْخلق من شدَّة الظلمَة وَإِنَّمَا حبس الله تَعَالَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم على أعراف الصِّرَاط ليبين لأهل الْجنَّة وَالْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَالْإِنْس وَلِجَمِيعِ مَا خلق الله تبَارك وَتَعَالَى فضل نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وليظهر فخره وجاهه وَقدره وحرمته عِنْد رَبنَا جلّ جَلَاله وَذَلِكَ أَن الله تبَارك وَتَعَالَى يَأْمر الْعباد يمضون على الصِّرَاط