عَلَيْهِ كالذئاب فأحبط الله أَعْمَالهم بذلك وَلم يتَقَبَّل مِنْهُم حَسَنَة وَاحِدَة وَإِذا لم يتَقَبَّل الله من الْعباد حَسَنَة وَاحِدَة فأحرى أَن لَا يُؤثر فِي الْمِيزَان لِأَن الْحَسَنَات لَا تَنْفَع وَلَا تثقل الْمِيزَان إِذا لم يتقبلها الله تَعَالَى لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يقبل إِلَّا مَا كَانَ لوجهه خَالِصا
فَالله الله عباد الله إِذا عملتم عملا فأخلصوا لله فَإِن الله لَا ينفعكم وَلَا يتَقَبَّل مِنْكُم إِلَّا مَا كَانَ لوجهه خَالِصا
وأنشدوا
(من كَانَ يعلم أَن الله باعثه ... يَوْم الْحساب لَدَى نشر الدَّوَاوِين)
(فَلَا يزدْ بفعال الْبر أجمعها ... إِلَّا الْحساب وتثقيل الموازين)
فقدموا عباد الله للميزان بِلُزُوم طَاعَة الرَّحْمَن
قدمُوا للموازين بطاعتكم لسلطان السلاطين
إخْوَانِي وَأعظم مُصِيبَة وحسرة من خفت مَوَازِينه من الْحَسَنَات وَأمر بِهِ إِلَى الْعَذَاب والعقوبات
وَالْوَيْل ثمَّ الويل لمن خفت مَوَازِينه من صَالح الْأَعْمَال وَغَضب عَلَيْهِ ذُو الْجُود والإفضال وَأمر بِهِ إِلَى الْعَذَاب والنكال وَإِلَى السلَاسِل والأغلال
يَا إخْوَانِي فَإِذا وزنت أَعمال الْعباد وخف من خف وَثقل من ثقل أمروا أَن يمضوا إِلَى الصِّرَاط فَيَجِيء كل إِنْسَان إِلَى الصِّرَاط فيقحم الصِّرَاط فَمن النَّاس من يضع عَلَيْهِ قدمه فيزل من أول قدم يَضَعهُ فَيهْوِي فِي النَّار وَمن النَّاس من يمشي الْقَلِيل مِنْهُ ويزل فِي النَّار وَمِنْهُم من يجوزه كالبرق الخاطف وَمِنْهُم من يجوزه كَالرِّيحِ الهبوب وَمِنْهُم من يجوزه كالطير السَّرِيع فِي طيرانه وَمِنْهُم من يُهَرْوِل وَمِنْهُم من يكون كالضعيف إِذا مَشى وَمِنْهُم من يكون كالمبطون الَّذِي يمشي على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَمن النَّاس من يَأْتِي إِلَى الصِّرَاط فَتخرج النَّار فتأخذه فَتَهْوِي بِهِ كل هَذَا على قدر أَعمال الْعباد وأنوارهم ورتبتهم على قدر الْقبُول من الله تبَارك وَتَعَالَى بهَا وعَلى قدر تثقيل الموازين وتخفيفها
فَإِذا أَتَى العَبْد من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصِّرَاط فَمن كَانَ من أهل الذُّنُوب وَلم يكن لَهُ عمل يجوز بِهِ على الصِّرَاط بَقِي متحيرا لَا يقدر على الْجَوَاز
فَبَيْنَمَا هم فِي شدَّة الْفَزع من هول الصِّرَاط إِذْ أقبل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم