الْخَلَائق كلهَا وَهِي تغتاظ على الْعباد وتغضب لغضب الْجَبَّار جلّ جَلَاله وتتغيظ وتتسعر عَلَيْهَا سَبْعُونَ ألف زِمَام من حَدِيد قد تعلق بِكُل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك من مَلَائِكَة النَّار يحبسونها عَن الْخَلَائق وَهِي تُرِيدُ أَن تَنْفَلِت من أَيْديهم وَتَأْتِي على أهل الْموقف وَالْمَلَائِكَة الَّتِي يحبسونها وُجُوههم مثل الْجَمْر وأعينهم مثل الْبَرْق الخاطف فَإِذا تكلم أحدهم تناثرت النَّار من فِيهِ بيد كل وَاحِد مِنْهُم أرزبة من حَدِيد من نَار فِيهَا إثنان وَسَبْعُونَ ألف رَأس من نَار كأمثال الْجبَال الراسيات الْعِظَام ورؤوسها كرؤوس الأفاعي وَهِي أخف فِي يَدي الْملك من الريشة وأعينهم زرق ووجوههم كلحة قد خلقُوا من نَار السمُوم فتريد جَهَنَّم أَن تَنْفَلِت من أَيدي الْمَلَائِكَة من غضب الْجَبَّار جلّ جَلَاله
هَذَا كُله قَالَه الضَّحَّاك عَن الْأَئِمَّة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم
فَإِذا جَاءَت جَهَنَّم بِأَمْر الله تبَارك وَتَعَالَى جَاءَت بالهول الْأَكْبَر والفزع الْأَعْظَم فَيخرج من نَفسهَا وهج شَدِيد وَيسمع من جوفها دوِي سلاسل الْحَدِيد
فَإِذا قربت من الْخَلَائق سمعُوا لَهَا شهيقا وَرَأَوا لَهَا حريقا فَإِذا نظرت فِي أهل الْمعاصِي ثارت وَفَارَتْ وأرادت أَن تثب عَلَيْهِم فاغتاظت وتمحمحت إِلَيْهِم وأرادت أَن تَأتي على جَمِيع الْخَلَائق وتريد أَن تَنْفَلِت من أَيدي الْخزَّان فتهرب الْخَلَائق فَلَا يَجدونَ منفذا وَلَا مَكَانا يستغيثون إِلَيْهِ ومنادي يُنَادي {يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس إِن اسْتَطَعْتُم أَن تنفذوا من أقطار السَّمَاوَات وَالْأَرْض فانفذوا لَا تنفذون إِلَّا بسُلْطَان} الرَّحْمَن 33 أَي بِحجَّة ثمَّ ترجع جَهَنَّم بسلطانها على خزانها لشدَّة غضب الْجَبَّار على من عصى الله وَخَالف رَسُوله فَإِذا انفلتت من أَيدي الزَّبَانِيَة أَرَادَت أَن تقبض على كل من فِي الْموقف فَيعرض لَهَا صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ مُحَمَّد الرَّسُول وكل نَبِي يَوْمئِذٍ بِنَفسِهِ مَشْغُول
فَيَأْخُذ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بزمامها وَيقبض على خطامها فيردها على عَقبهَا وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهَا كفي عَن أمتِي فتخمد من نوره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتناديه أَيهَا النَّبِي المكرم وَالرَّسُول المشرف الْمُعظم خل سبيلي من يَديك فَمَا جعل الله لي وَلَا لغيري من سُلْطَان