دوَام اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار أَنه قَالَ (ليَوْم الْقِيَامَة مائَة ألف هول كل هول أعظم من الْمَوْت مائَة ألف مرّة) فاندم يَا مِسْكين على مَا صنعت وَفَاتَ وَأصْلح بِالتَّوْبَةِ النصوح مَا هُوَ آتٍ من قبل أَن تَأتي يَوْم لَا مرد لَهُ من الله لَيْسَ للظالمين من نصير وَلَا للعاصين من مجير وَلَا لأحد من ملْجأ وَلَا نَكِير
فَإِذا تَكَامل أهل السَّمَوَات وَأهل الْحجب والسرادقات وَحَملَة الْعَرْش والكرسي وَجَمِيع أهل الأَرْض فِي عَرصَة يَوْم الْقِيَامَة وازدحمت الْخَلَائق وَاخْتلفت الْأَقْدَام وشخصت الأحداق وتطاولت الْأَعْنَاق وانثنت من شدَّة الْعَطش وَاجْتمعَ زحام الْخَلَائق وأنفاسهم وَشدَّة حر الشَّمْس وضيق الْبَأْس ارْتَفع الْعرق على وَجه الأَرْض حَتَّى يَعْلُو على الْأَبدَان ويعم الْعباد على قدر مَنَازِلهمْ ورتبتهم الَّتِي أنزلتهم عَلَيْهَا أَعْمَالهم الَّتِي عملوها فِي دَار الدُّنْيَا وَقد زيد فِي حر الشَّمْس مَا يتضاعف قيل حر عشر سِنِين وَلَا ظلّ يَوْمئِذٍ إِلَّا ظلّ الْعَرْش فَلَا يُصِيب مِنْهُ عبد وَلَا أمة إِلَّا على قدر عمله فكم بَين مستظل ناعم بِظِل الْعَرْش وَبَين صَاح باد بَحر الشَّمْس
وَقد قيل إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يمطر يَوْم الْقِيَامَة الْغَيْث على طَائِفَة من عباده وَتَرْمِي جَهَنَّم شررها على طَائِفَة أُخْرَى فكم من مستريح بِبرد مَاء الأمطار وَبَين ملتهب بَحر شرر النَّار فَمن قطع عمره فِي الدُّنْيَا بِطَاعَة الرَّحْمَن وَعمل بِالسنةِ وَالْقُرْآن خلصه مَوْلَاهُ من جَمِيع الهموم وَالْأَحْزَان
فَمثل لنَفسك وَقد نظرت للجبال قد تقلعت من أُصُولهَا وَصَارَت مثل السراب وتقطعت السَّمَاوَات وتطايرت مثل قطع السَّحَاب وَقد أَيقَن كل فَاجر وَكَافِر بالحلول فِي أَلِيم الْعَذَاب وَقد صَارَت الْعِزَّة لذِي الْبَطْش الشَّديد ولزمت الذلة كل جَبَّار عنيد ثمَّ رجعت السَّمَاء كَالْمهْلِ وَهُوَ دردي الزَّيْت الَّذِي يجلس فِي قَعْر الْإِنَاء قيل ترجع السَّمَاء كالدهن الرَّقِيق وَترجع الْجبَال كالعهن المنفوش وَهُوَ أَضْعَف مَا يكون من الصُّوف وَتصير الْخَلَائق كالفراش وَهُوَ البعوض وَقيل كالجراد