الدُّنْيَا تقف عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة فَيَقُولُونَ لَهُم اسْكُتُوا يَا أَوْلِيَاء الله اسْكُتُوا يَا أَعدَاء الله اسْكُتُوا عَلَيْكُم لعنة الله وَقَوله {وَيذكر فِيهَا اسْمه} النُّور 36 يذكر فِيهَا جَمِيع مَا أنزل الْعَلِيم الْخَبِير فِي كِتَابه الْمُبين وَجَمِيع مَا أَمر بِهِ الصَّادِق البشير النذير
قَالَ الله مَوْلَانَا الَّذِي بِيَدِهِ ضلالنا وهدانا {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} الْحَشْر 7 وَقد نَهَانَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن فضول الْكَلَام فِي كل مَكَان
فَإِذا كَانَ فضول الْكَلَام وبالا على الْعباد فِي غير الْمَسَاجِد فَأولى أَن يتحفظ العَبْد عَن الْكَلَام فِي غير ذكر الله فِي الْمَسَاجِد
رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (إِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ فَينزل بهَا فِي النَّار أبعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب)
فَهَذَا ثَنَاء من أسْرع الحاسبين على عمار الْمَسَاجِد الْمُؤمنِينَ
وَقد أثنى عَلَيْهِم الْملك الرَّحْمَن فِي مُحكم الْقُرْآن حَيْثُ أوجب لَهُم الْإِيمَان {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَلم يخْش إِلَّا الله} التَّوْبَة 18
وَجَاء فِي الْخَبَر عَن سيد الْبشر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الْجَبَّار تبَارك وَتَعَالَى أَيْن جيراني فَتَقول الْمَلَائِكَة مَوْلَانَا وَمن يَنْبَغِي أَن يكون جَارك فَيَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى يَا ملائكتي أَيْن عمار الْمَسَاجِد فِي الدُّنْيَا)
وَأنْشد يحيى بن معَاذ بِعَرَفَات
(إِلَيْك جِئْنَا وانت جِئْت بِنَا ... وَلَيْسَ شَيْء سواك يغنينا)
(فناك رحب وَأَنت ذُو كرم ... تَدْعُو إِلَى بابك المساكينا)
قَالَ الله تَعَالَى {يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار} النُّور 37 يُرِيد أَن الْقُلُوب يَوْم الْقِيَامَة تعرف أمره يَقِينا فتتقلب وَمَا كَانَت عَلَيْهِ من الْكفْر وَالشَّكّ فِي الْحساب والبعث وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب وَالنَّعِيم وَالْعَذَاب فترى الْأَبْصَار يَوْمئِذٍ مَا كَانَ عَنْهَا مغطى بقوله تَعَالَى {لقد كنت فِي غَفلَة من هَذَا فكشفنا عَنْك غطاءك فبصرك الْيَوْم حَدِيد} ق 22 وَقيل تتقلب الْأَبْصَار من الكحولة إِلَى الزرقة وَمن الْبَصَر إِلَى الْعَمى وَمن بَيَاض الْوَجْه إِلَى السوَاد والقلوب تتقلب من الشَّك إِلَى الْيَقِين وَمن الْأَمْن إِلَى الْخَوْف ثمَّ لم يوقنوا بِالْبَعْثِ حَتَّى عاينوه وَلم