عطشان وأتى الله حَتَّى سقَاهُ من شراب الْجنَّة وَذبح ذبحا وسبيت حرمه وحملن مكشفات الرؤوس على الأكف بِغَيْر وطاء حَتَّى دخلن دمشق وَرَأس الْحُسَيْن بَينهُنَّ على رمح إِذا بَكت إِحْدَاهُنَّ عِنْد رُؤْيَته ضربهَا حارس بِسَوْطِهِ ووقف أهل الذِّمَّة لَهُنَّ فِي سوق دمشق يبصقون فِي وجوههن حَتَّى وقفن بِبَاب يزِيد فَأمر براس الْحُسَيْن فنصب على الْبَاب وَجَمِيع حرمه حوله ووكل بِهِ الحرس وَقَالَ إِذا بَكت مِنْهُنَّ باكية فالطموها
فظللن وَرَأس الْحُسَيْن بَينهُنَّ مصلوب تسع سَاعَات من النَّهَار وَإِن أم كُلْثُوم رفعت رَأسهَا فرأت رَأس الْحُسَيْن فَبَكَتْ وَقَالَت يَا جداه تُرِيدُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا رَأس حَبِيبك الْحُسَيْن مصلوب وبكت فَرفع يَده بعض الحرس ولطمها لطمة حصر وَجههَا وشلت يَده مَكَانَهُ وَفِي هَذَا يَقُول الْأَزْدِيّ
(لقد ضل قوم أَصْبحُوا فِي تلدد ... سباياهم فِي الْحَرْب آل مُحَمَّد)
(كَمَا ضل سعي الناكبين بعجلهم ... فأعقبهم لعنا بدين التهود)
(ومُوسَى وَعِيسَى بشرا بِمُحَمد ... عَلَيْهِ سَلام الله من متهجد)
(أيا أمة الْإِسْلَام يَا أمة الَّذِي ... هدى الله منا بِالنَّبِيِّ كل مهتد)
(وثوب لأبناء النَّبِي فَلَو ترى ... بَنو اللَّعْن إِذْ عنوا لَهُم بالتهدد)
(بسوق دمشق يبصقون وُجُوههم ... فدَاء لَهَا نَفسِي وَمَا ملكت يَدي)
(فَمَا جرى دمعي يَا حَبِيبِي بناضب ... وَلَا زند ودي للحسين بمصلد)
وَقيل إِن عَمْرو بن اللَّيْث عرض عَلَيْهِ جُنُوده يَوْمًا فَرَأى كَثْرَة عسكره وَكَانَ يحمل بَين يَدَيْهِ إثنا عشر ألف عَمُود من ذهب تَحت كل عَمُود قَائِد من حشمه تَحت يَده ألف فَارس فَلَمَّا رأى ذَلِك اغرورقت عَيناهُ بالبكاء وَقَالَ فِي نَفسه يَا لَيْتَني وَقت قتل الْحُسَيْن بن عَليّ مَعَ هَؤُلَاءِ فَكنت أفديه بنفسي وَمَالِي وحشمي فَرَأى بعض الصَّالِحين فِي مَنَامه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ قل لعَمْرو بن اللَّيْث أطْلعنَا على مَا خطر بقلبك وَقَبلنَا مِنْك وأعطاك الله تَعَالَى على نيتك وقولك الثَّوَاب الجزيل فَجَاءَهُ فَأخْبرهُ فَبكى بكاء شَدِيدا
وَمن فَضَائِل يَوْم عَاشُورَاء مَا ذكره وهب بن مُنَبّه قَالَ وهب بن مُنَبّه أنزل