كل شَيْء قبل طي الْكتاب وغلق الْبَاب ونزول الْحجاب والرحيل إِلَى التُّرَاب
وأنشدوا
0 - لَا تأتمن وَإِن أمسيت فِي حرم ... إِن المنايا تفاجئ كل إِنْسَان)
(واسلك طريقك واثبت غير منحرف ... حَتَّى تلاقي الجزا من عِنْد رَحْمَن)
(فَكل خل وَإِن أشفقت تتركه ... وكل مَال وَإِن أكثرته فان)
(وَالْخَيْر وَالشَّر مقرونان فِي قرن ... بِكُل ذَلِك يَأْتِيك الجديدان)
ففكروا رحمكم الله فِي أحبابكم وجيرانكم وأصحابكم وَإِخْوَانكُمْ وآبائكم وأمهاتكم وأخواتكم والأباعد والأقارب وَذَوي الْمَوَدَّة والأجانب
قد استوحشت من أَنفسكُم الديار وانقطعت بَينهم الْآثَار وبقوا رهنا فِي الْأَحْدَاث بالأوزار
قد هجرهم الحبيب وسلا عَنْهُم الْقَرِيب قد ضيقت عَلَيْهِم اللحود وسالت عيونهم على الخدود وتمزقت عَنْهُم الْجُلُود ودبت فِي أَجْسَادهم الْهَوَام والدود وَبقيت أَرْوَاحهم فِي البرزخ إِلَى الْيَوْم الهائل الْمَوْعُود
لم يَنْفَعهُمْ مَا جمعُوا وَلَا حصنهمْ مَا بنوا وشيدوا وَلَا مَنعهم كلما صَنَعُوا
صَارَت الْقُبُور لَهُم قرارا وفرت الأحباب عَنْهُم فِرَارًا
فانتبهوا يَا معشر الإخوان واجتهدوا فِي طَاعَة الرَّحْمَن من قبل مُفَارقَة الأحباب والأوطان
وأنشدوا
(هِيَ الْأَحْدَاث تطرق أَو تُعَاد ... وكل للمنية فِي مهاد)
(وَمَا يبْقى الْحمام إِذا يوافي ... شَدِيد الْبَطْش جَبَّار القياد)
(فكم أسرى إِلَى لَيْث هصور ... وجبار من الأجناد عَاد)
(فَقل لأخي السَّلامَة عش مَلِيًّا ... فَإِن الْكَوْن دَاعِيَة الْفساد)
(وَكن فِي الْعُمر لُقْمَان بن عَاد ... وهاك حمام لُقْمَان بن عَاد)
(فَإِن الْمَرْء فِي أَيدي المنايا ... أَسِير مَا لَهُ مِنْهُنَّ فاد)
يَا أخي إِذا أردْت أَن تَدْرِي كَيفَ حالك من بعْدك فَأخْرج إِلَى الْقُبُور وانظرها وَقد عفت وَمثل قبرك بَين الْقُبُور
ثمَّ انْظُر مَاذَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي قبرك فَأكْثر مِنْهُ لطول مدتك فِيهِ وَهُوَ الْعَمَل الصَّالح فَأَما مَا سوى ذَلِك فَمَا لَك حَاجَة فِي شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يصير عَلَيْك وبالا فِي قبرك وحسرة وَانْظُر حالك الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ