سبعين مرّة فَإِذا ضحك العَبْد الَّذِي بعث لقبض روحه يَقُول لَهُ يَا عجبا لَك يَا فلَان أمرت بِقَبض روحك وَأَنت تضحك فالعجب كل الْعجب بِمن الْمَوْت يَطْلُبهُ والمنية تعاجله وَهُوَ من ذَلِك على يَقِين وَهُوَ يضْحك ويلهو
وأنشدوا
(ضحك الْفَتى من عجبه جَهَالَة ... وَالْمَوْت يَطْلُبهُ حثيثا مسرعا)
(وَالْمَوْت لَا يدع الجهول لضحكه ... إِلَّا رَمَاه بسهمه فتفجعا)
(فتفلقت أوصاله لنزوله ... وتفتت الْعظم الصَّلِيب توجعا)
(وَبكى لفرقة مَاله وَعِيَاله ... وَمضى إِلَى دَار البلى متضرعا)
فَالله الله عباد الله لَا يَغُرنكُمْ طول الأمل وجدوا واجتهدوا وَكُونُوا من الْمَوْت على وَجل فَإِن للْمَوْت غاد ورائح وماس وصابح وَأَنت يَا أخي مِنْهُ على يَقِين وَتَحْقِيق فَلم تحد عَن منهاج الطَّرِيق
ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن الْمَيِّت يُنَادي إِذا وضع على المغتسل أَيْن لسَانك الفصيح مَا أسكتك أَيْن صَوْتك الشجي مَا أخرسك أَيْن رِيحك الْعطر مَا أنتنك أَيْن حركاتك مَا أسكنك أَيْن أموالك الْكَثِيرَة مَا أفقرك الويل لَك إِن كنت عَاصِيا والبشرى لَك إِن كنت طَائِعا وتناديه الْمَلَائِكَة إِذا وضع فِي الْقَبْر يَا عبد الله أَنْت تركت الدُّنْيَا أم الدُّنْيَا تركتك أَنْت جمعت الدُّنْيَا أم الدُّنْيَا جمعتك أَنْت استعددت للمنية أم الْمنية عافصتك خلقت من التُّرَاب وأعدت للتراب
وأنشدوا
(خلقت من التُّرَاب بِغَيْر ذَنْب ... وعدت إِلَى التُّرَاب ولي ذنُوب)
(فَمَالِي لَا أجاهد فِي خلاصي ... بعزم للمعاصي لَا أَتُوب)
(وَمَالِي أثقلت ظَهْري ذنُوب ... وَمِنْهَا لَا أمل وَلَا أنيب)
(وَمَالِي لَا أرق لسوء حَالي ... وَمن نَفسِي عَليّ غَدا رَقِيب)
(وَمَالِي مبعد مقصى طريد ... وَفِي كل القبائح لي ضروب)
(وَكم بِالْبرِّ تسويفي ومطلي ... وَلَا أَدْرِي مَتى تَأتي شعوب)
(فيا من لَيْسَ لي رب سواهُ ... عليم بِالَّذِي أَدْعُو يُجيب)
(تجَاوز يَا إلهي عَن ضَعِيف ... بغفران لعَلي عَسى أَتُوب)
(وهب لي ذلتي وعظيم جُرْمِي ... فَأَنت الْوَاحِد الْفَرد الْقَرِيب)