الله وسلامه عليه وعلى النبيين وآل كل وصحابتهم أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
أما بعد، فإن الدنيا دار نفاذ لا دار إخلاد، ودار عبور لا دار حبور، ودار فناء لا دار بقاء، ودار انصرام لا دار دوام، وقد تطابق على ما ذكرته دلالات قواطع النقول وصحائح العقول، وهذا مما استوى في العلم به الخواص والعوام، والأغنياء والطغام، وقضى به الحس والعيان حتى لم يقبل الوضوحة إلى زيادة في العرفان:
وليس يصح في الأسماع شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
ولما كانت الدنيا بالحال التي ذكرتها، والعظة التي قدمتها جاء في القرآن العزيز من التحذير من الركون إليها والاغترار بها والاعتماد عليها ما هو أعرف من أن يذكر وأشهر من أن يشهر، وكذلك جاءت الأحاديث النبوية والآثار الحكمية، فلهذا كان الايقاظ من أهلها العباد، وأعقل الناس فيها الزهاد ولقد أحسن القائل في وصفها: