عَلَى أَهْلِ الْبَوَادِي وَالنُّزُولِ عَلَى مِيَاهِ الْعَرَبِ وَطَلَبِ مَا عِنْدَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْقِرَى أَوْ الشِّرَاءِ وَفِي مُقَابَلَةِ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْمَكْرُمَةِ بِنَظِيرِ صُنْعِهِ، وَفِيهِ الاشْتِرَاكُ فِي الْعَطِيَّةِ وَجَوَازُ طَلَبِ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ يُعْلَمُ رَغْبَتُهُ فِي ذَلِكَ وَإِجَابَتُهُ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) لَفْظُ أَبِي دَاوُد: (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً كُلَّمَا خَتَمَهَا جَمَعَ بُزَاقَهُ ثُمَّ تَفَلَ) .
قَوْلُهُ: «بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ» أَيْ: بِرُقْيَةِ كَلامٍ بَاطِلٍ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ، وَالرُّقَى الْبَاطِلَةُ الْمَذْمُومَةُ هِيَ الَّتِي كَلامُهَا كُفْرٌ أَوْ الَّتِي لا يُعْرَفُ مَعْنَاهَا كَالطَّلاسِمِ الْمَجْهُولَةِ الْمَعْنَى، وَالأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَرْقِيَ، وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَهُمْ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ عَلَى بَيَانِ الأَفْضَلِيَّةِ وَاسْتِحْبَابِ التَّوَكُّلِ وَالإِذْنِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِحَمْلِ الأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى تَرْكِ الرُّقْيَةِ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ نَفْعَهَا وَتَأْثِيرَهَا بِطَبْعِهَا كَمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ يَزْعُمُونَ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ.
وَجَوَازِ اسْتِئْجَارِ الأَجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ
3085- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ اسْتِئْجَارِ الأَجِيرِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُ أَجْرُهُ، وَعَنْ النَّجْشِ وَاللَّمْسِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3086- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ وَعَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَفَسَّرَ قَوْمٌ قَفِيزَ الطَّحَّانِ: بِطَحْنِ الطَّعَامِ بِجُزْءٍ مِنْهُ مَطْحُونًا، لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ طَحْنِ قَدْرِ الأُجْرَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ، وَذَلِكَ مُتَنَاقِضٌ.
وَقِيلَ: لا بَأْسَ بِذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ. وَإِنَّمَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ طَحْنُ الصُّبْرَةِ لا يُعْلَمُ كَيْلُهَا بِقَفِيزٍ مِنْهَا وَإِنْ شَرَطَ حَبًّا، لأَنَّ مَا عَدَاهُ مَجْهُولٌ فَهُوَ كَبَيْعِهَا إلا قَفِيزًا مِنْهَا.