فَسْخَ لُهُ وَهُوَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ الشَّافِعِيِّ، لأَنَّ نُقْصَانَ قِيمَةُ السِّلْعَةِ مَعَ سَلامَتِهَا لا يَمْنَعُ لُزُومُ الْعَقْد كَغَيْرِ الْمُسْتَرْسِلِ وَكَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ، وَلَنَا أَنَّهُ غبن حَصَلَ لِجَهْلِهِ بِالْمَبِيعِ فَأَثْبَتَ الْخِيَارُ كَالْغبن فِي تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، فَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَرْسِلِ فَإِنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَة بِالغبن، فَهُوَ كَالْعَالِمِ بِالْعَيْبِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَعْجَلَ فَجَهْل مَا لَوْ تَثْبُتُ لِعِلْمِهِ لَمْ يَكُنْ لُهُ خِيَارُ لأَنَّهُ أَنْبَنَي عَلَى تَفْرِيطِهِ وَتَقْصِيرِهِ، وَالْمُسْتَرْسِلْ: هُوَ الْجَاهِلُ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ وَلا يَحْسُنْ الْمَبَالَغَةِ، قَالَ أَحْمَدُ: الْمُسْتَرْسِلُ الَّذِي لا
يُحْسِنُ أَنْ يُمَاكِسَ، وَفِي لَفْظٍ: الَّذِي لا يُمَاكِسُ، فَكَأَنَّهُ اسْتَرْسَلَ إِلَى الْبَائِعِ فَأَخَذَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ مُمَاكَسَةِ ولا معرفة بغبنه، ولا تحديد للغبن في المنصوص عن أحمد، وحده أبو بكر في التَّنْبِيه وَابْنِ أَبِي مُوسَى فِي الإِرْشَادِ بِالثُّلُثُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» . وَقِيلَ: السُّدْسُ، وَالأَوْلَى تَحْدِيدهُ بِمَا لا يتغَابَن النَّاسُ بِِهِ فِي الْعَادَةِِ لأَنَّ مَا لا يَرِدُ الشَّرْعُ بِتَحْدِيدِهِ يُرْجع فيه إلِى العرف. انْتَهَى.
2879- عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا» أَوْ قَالَ: «حَتَّى يَفْتَرِقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» .
2880- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ وَرُبَّمَا قَالَ: أَوْ يَكُونُ بَيْعُ الْخِيَارِ» .
2881- وَفِي لَفْظٍ: «إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» . مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.
2882- وَفِي لَفْظٍ: «كُلُّ بَيِّعَيْنِ لا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلا بَيْعَ ... الْخِيَارِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا.