يَذْكُرُ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: نَعَمْ. مُتَّفَقٌ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ إلا الأَخِيرَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لأَحْمَدَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاحِهَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ: الأَوَّلِ: أَنَّهُ بَاطِلٌ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْقَطْعَ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلا بَطَلَ، وَنَسَبَهُ الْحَافِظُ إلَى الْجُمْهُورِ، الثَّالِثِ: أَنَّهُ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّبْقِيَةَ انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (الْمُحَاقَلَةُ) قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِمَا فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ: هِيَ بَيْعُ الْحَقْلِ بِكَيْلٍ مِنْ الطَّعَامِ مَعْلُومٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ بَيْعُ الطَّعَامِ فِي سُنْبُلِهِ وَالْحَقْلُ الْحَرِثُ وَمَوْضِعُ الزَّرْعِ وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَقْلُ: الزَّرْعُ إذَا تَشَعَّبَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَغْلُظَ سُوقُهُ، وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ الْمُحَاقَلَةَ: أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الزَّرْعَ بِمِائَةِ فَرْقٍ مِنْ الْحِنْطَةِ
وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُحَاقَلَةُ: أَنْ تُكْرَى الأَرْضُ بِبَعْضِ مَا يَنْبُتُ مِنْهَا وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ (وَالْمُزَابَنَةُ) فُسِّرَتْ بِمَا فِي الْحَدِيثِ، أَعْنِي: بَيْعَ النَّخْلِ بِأَوْسَاقٍ مِنْ التَّمْرِ، وَفُسِّرَتْ بِهَذَا، وَبِبَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهَذَانِ أَصْلُ الْمُزَابَنَةِ وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ بِذَلِكَ كُلَّ بَيْعٍ مَجْهُولٍ بمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسٍ يَجْرِي الرِّبَا فِي نَقْدِهِ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ، انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (وَالْمُعَاوَمَةِ) هِيَ بَيْعُ الشَّجَرِ أَعْوَامًا كَثِيرَةً.
قَوْلُهُ: (وَالْمُخَابَرَةِ) سَيَأْتِي الْكَلامُ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ أن شاء الله تعالى.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يُشْقِهَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ قَافٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: يُشْقِحَ وَهِيَ الأَصْلُ وَالْهَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْحَاءِ، وَإِشْقَاحُ النَّخْلِ احْمِرَارُهُ
وَاصْفِرَارُهُ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَنَحْوِهَا عَلَى تَحْرِيمِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَمَا شَارَكَهُمَا فِي الْعِلَّةِ قِيَاسًا وَهِيَ إمَّا مَظِنَّةُ الرِّبَا لِعَدَمِ عِلْمِ التَّسَاوِي أَوْ الْغَرَرِ، وَعَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ السِّنِينَ وَعَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ صَلاحِهِ وَقَدْ وَقَعَ الاتِّفَاقُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فِي غَيْرِ الْعَرَايَا وَعَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ فِي سَنَابِلِهَا بِالْحِنْطَةِ مُنْسَلَّةً عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ وَلا فَرْقَ