قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (النَّجْشِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ تَنْفِيرُ الصَّيْدِ وَاسْتِثَارَتُهُ مِنْ مَكَان لِيُصَادَ، وَفِي الشَّرْعِ: الزِّيَادَةُ فِي السِّلْعَةِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الإِثْمِ، وَيَقَعُ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَيَخْتَصُّ بِذَلِكَ النَّاجِشُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّجْشُ: أَنْ تُحْضَرَ السِّلْعَةُ تُبَاعُ فَيُعْطِي بِهَا الشَّيْءَ وَهُوَ لا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ السُّوَّامُ فَيُعْطُونَ بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ لَوْ لَمْ يَسْمَعُوا سَوْمَهُ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النَّاجِشَ عَاصٍ بِفِعْلِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَسَادَ ذَلِكَ الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ
الْحَنَابِلَةِ إذَا كَانَ بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ أَوْ صَنْعَتِهِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْمُصَرَّاةِ.
2841- عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2842- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُتَلَقَّى الْجَلَبُ فَإِنْ تَلَقَّاهُ إنْسَانٌ فَابْتَاعَهُ فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ فِيهَا بِالْخِيَارِ إذَا وَرَدَ السُّوقَ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا الْبُخَارِيَّ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّلَقِّيَ مُحَرَّمٌ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا النَّهْيِ هَلْ يَقْتَضِي الْفَسَادَ أَمْ لا؟ فَقِيلَ: يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَقِيلَ: لا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لأَنَّ النَّهْيَ هَاهُنَا لأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ لا يَقْتَضِيهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الأُصُولِ.
قَوْلُهُ: (بِالْخِيَارِ) اخْتَلَفُوا هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ مُطْلَقًا، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ لَهُ فِي الْبَيْعِ عَيْنٌ؟ ذَهَبَتْ الْحَنَابِلَةُ إلَى الأَوَّلِ وَهُوَ الأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ