السُّوقِ، فَقَالَ: «يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ» . فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَعَثَ بِهَا إلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَفِي أَيْدِيهِمْ أُسَارَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَفَدَاهُمْ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَالْوَلَدِ، وَبَيْنَ الأَخَوَيْنِ. وَاُخْتُلِفَ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ لا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الأَبِ وَالابْنِ وَلا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى يَشْمَلُ الأَبَ وَظَاهِرُ الأَحَادِيثِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْبَيْعِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ مَشَقَّةٌ تُسَاوِي مَشَقَّةَ التَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ إلا التَّفْرِيقَ الَّذِي لا اخْتِيَارَ فِيهِ لِلْمُفَرِّقِ كَالْقِسْمَةِ، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا بحَدِيثِ سَلَمَةَ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، لأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبِنْتَ قَدْ كَانَتْ بَلَغَتْ قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:

وَهُوَ حُجَّةٌ فِي جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَجَوَازِ تَقْدِيمِ الْقَبُولِ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ عَلَى الإِيجَابِ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا وَفِيهِ أَنَّ مَا مَلَكَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الرَّقِيقِ يَجُوزُ رَدُّهُ إلَى الْكُفَّارِ فِي الْفِدَاءِ.

قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ حَكَى فِي الْغَيْثِ الإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا.

بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ

2834- عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

2835- وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا الْبُخَارِيَّ.

2836- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015