2256- وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ شَرَابًا، فَنَاوَلَهَا لِتَشْرَبَ، فَقَالَتْ: إنِّي صَائِمَةٌ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّ سُؤْرَكَ، فَقَالَ: «يَعْنِي إنْ كَانَ قَضَاءً مِنْ رَمَضَانَ فَاقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَإِنْ شِئْتَ فَاقْضِي، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَقْضِي» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ.
2257- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أُهْدِيَ لِحَفْصَةَ طَعَامٌ وَكُنَّا صَائِمَتَيْنِ فَأَفْطَرْنَا ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ وَاشْتَهَيْنَاهَا فَأَفْطَرْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا عَلَيْكُمَا صُومَا مَكَانَهُ يَوْمًا آخَرَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَهَذَا أَمْرُ نَدْبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «لَا عَلَيْكُمَا» .
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (صَدَقَ سَلْمَانُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّة النُّصْحِ لِلْمُسْلِمِ وَتَنْبِيهُ مَنْ غَفَلَ، وَفَضْلُ قِيَامِ آخِرِ اللَّيْلِ، وَثُبُوتُ حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ فِي حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَجَوَازُ عَنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ إذَا خُشِيَ أَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى السَّآمَةِ وَالْمَلَلِ وَتَفْوِيتِ الْحُقُوقِ الْمَطْلُوبَةِ، وَكَرَاهَةِ الْجَهْلِ عَلَى النَّفْسِ فِي الْعِبَادَةِ، وَجَوَازِ الْفِطْرِ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَمَنْ صَامَ تَطَوُّعًا أَنْ يُفْطِرَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي دَعْوَةٍ إلَى طَعَامِ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَطَوِّعِ الْقَضَاءُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَيْسَ فِي تَحْرِيمِ الْأَكْلِ فِي صَوْمِ النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَّا الْأَدِلَّةَ الْعَامَّةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} . إلَّا أَنَّ الْخَاصَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ كَحَدِيثِ سَلْمَانَ.
بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
2258- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.