بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي كَيْمَا تُصِيبَ مِنْهَا، قَالَ: لَا، حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْأَلُهُ، فَانْطَلَقَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا، وَإِنَّ مَوَالِيَ الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
2073- وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: بَعَثَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَبَعَثْتُ إلَى عَائِشَةَ مِنْهَا بِشَيْءٍ؛ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ» ؟ فَقَالَتْ: لَا إلَّا أَنَّ نُسَيْبَةَ بَعَثَتْ إلَيْنَا مِنْ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْتُمْ بِهَا إلَيْهَا، فَقَالَ: «إنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2074- وَعَنْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: «هَلْ مِنْ طَعَامٍ» ؟ فَقَالَتْ: لَا وَاَللَّهِ مَا عِنْدَنَا طَعَامٌ إلَّا عَظْمٌ مِنْ شَاةٍ أَعْطَيْتُهَا مَوْلَاتِي مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: «قَدِّمِيهَا فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «كَخْ كَخْ» . بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا وَمُخَفَّفًا وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنَةً وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ، وَالثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ لِلْأُولَى، وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِرَدْعِ الصَّبِيِّ عِنْدَ تَنَاوُلِهِ مَا يُسْتَقْذَرُ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله. وَاختلف مَا الْمُرَادُ بِالْآلِ هُنَا، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَكَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى. قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ لَا تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَقَدْ نَقَلَ الطَّبَرِيُّ الْجَوَازَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ عَنْهُ: تَجُوزُ لَهُمْ إذَا حُرِمُوا سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ. وَحَكَى فِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَحِلُّ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّحْرِيمِ عَلَى الْعُمُومِ تَرُدُّ عَلَى الْجَمِيعِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَات: وَبَنُو هَاشِمٍ إِذَا مُنِعُوا مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ جَازَ لَهُمْ الأَخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي يَعْقُوب وَغَيْرِهِِِِِِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَهُ أَبُو يُوسُف
وَالأصْطرخي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ لأَنَّهُ مَحَلُ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ وَيَجُوزُ لِبَنِي