قَوْلُهُ: (يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ) قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هِيَ غَزْوَةُ نَجْدٍ لَقِيَ بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَتَوَقَّفُوا وَلَمْ يَكُنْ بَيْنُهُمْ قِتَالٌ، وَصَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ صِفَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فِي الثُّنَائِيَّةِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى يُتِمُّوا؛ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيَذْهَبُوا فَيَقُومُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلُّونَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى يُتِمُّوا؛ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ بِهِمْ.
قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ مِنْ صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ مِنْ الْجَيْشِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَة الْأُخْرَى قَائِمَةً تِجَاهَ الْعَدُوِّ، ثُمَّ تَنْصَرِفُ الطَّائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ وَتَقُومُ تُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَتُصَلِّي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ تَقْضِي كُلُّ طَائِفَةٍ لِنَفْسِهَا رَكْعَةً. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: (ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً) أَنَّهُمْ أَتَمُّوا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَتَمُّوا عَلَى التَّعَاقُبِ، قَالَ: وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَيَسْتَلْزِم تَضْيِيعَ الْحِرَاسَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَإِفْرَادِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ وَيُرَجِّحُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَفْظُهُ: ثُمَّ سَلَّمَ وَقَامَ هَؤُلَاءِ أَيِّ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا ثُمَّ ذَهَبُوا وَرَجَعَ أُولَئِكَ إلَى مَقَامِهِمْ
فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا. قَالَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ وَاَلَتِ بَيْنَ رَكْعَتَيْهَا، ثُمَّ أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: (شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ خَلْفَهُ، وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ) . قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ صَلَاةَ الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ جَمِيعًا وَاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْحِرَاسَةِ وَمُتَابَعَتِهِ فِي جَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ إلَّا السُّجُودَ فَتَسْجُدُ مَعَهُ طَائِفَةٌ وَتَنْتَظِرُ الْأُخْرَى حَتَّى تَفْرُغَ الطَّائِفَةُ الْأُولَى ثُمَّ تَسْجُدُ، وَإِذَا فَرَغُوا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى تَقَدَّمَتْ الطَّائِفَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ مَكَانَ الطَّائِفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَأَخَّرَتْ الْمُتَقَدِّمَةُ.
قَوْلُهُ: (فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي بَكْرَةَ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ مِنْ صِفَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِكُلِّ