قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّ مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِخِلَافِهِ بِلَفْظَةِ الْإِتْمَامِ.
1366- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ. فَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.
1367- لَكِنَّهُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ.
1368- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُوجزُ الصَّلَاةَ وَيُكْمِلُهَا.
1369- وَفِي رِوَايَةٍ: مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ إمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ صَلَاةً مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
1370- وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد وَالنَّسَائِيَّ.
1371- لَكِنَّهُ لَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (يُوجزُ الصَّلَاةَ وَيُكْمِلُهَا) فِيهِ أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ التَّخْفِيفِ لَا تَسْتَلْزِمُ أَنْ تَبْلُغَ إلَى حَدٍّ يَكُونُ بِسَبَبِهِ عَدَمُ تَمَامِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَقِرَاءَتِهَا، وَأَنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْإِيجَازِ وَالْإِتْمَامِ لَا يُشْتَكَى مِنْهُ تَطْوِيلٌ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُتِمُّونَ وَيُوجِزُونَ وَيُبَادِرُونَ الْوَسْوَسَةَ، فَبَيَّنَ الْعِلَّةَ فِي تَخْفِيفِهِمْ.
قَالَ: وَأَحَادِيثُ الْبَاب تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّخْفِيفِ لِلْأَئِمَّةِ وَتَرْكِ التَّطْوِيلِ لِلْعِلَلِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الضَّعْفِ وَالسَّقَمِ وَالْكِبَرِ وَالْحَاجَةِ وَاشْتِغَالِ خَاطِرِ أُمِّ الصَّبِيِّ بِبُكَائِهِ، وَيَلْحَقُ بِهَا مَا كَانَ فِيهِ مَعْنَاهَا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: التَّخْفِيفُ لِكُلِّ إمَامٍ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، مَنْدُوبٌ