صَارَتْ قَضَاءً انْتَهَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمَغْرِبِ وَقْتَيْنِ، وَأَنَّ الشَّفَقَ: الْحُمْرَةُ، وَأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ يُعَاقِبُهُ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ جَائِزٌ.
قوله: (وَأَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْفَجْرَ) إلى قوله: (ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ: «الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ» . قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي إثْبَاتِ الْوَقْتَيْنِ لِلْمَغْرِبِ، وَجَوَازِ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَهَذَا مُتَأَخِّرٌ وَمُتَضَمِّنٌ زِيَادَةً فَكَانَ أَوْلَى، وَفِيهِ مِنْ الْعِلْمِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ السُّؤَالِ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَهَكَذَا صَرَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ صَلَاةَ جِبْرِيلَ كَانَتْ بِمَكَّةَ، وَقِصَّةُ الْمَسْأَلَةِ بِالْمَدِينَةِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَقْتَ الْآخِرَ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ رُخْصَةٌ.
542 - عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ.
543- وَلِلْبُخَارِيِّ: وَبَعْضُ الْعَوَالِي مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ.
544- وَكَذَلِكَ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد مَعْنَى ذَلِكَ.
545- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَصْرَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نُرِيدُ أَنْ نَنْحَرَ جَزُورًا لَنَا وَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَحْضُرَهَا قَالَ: «نَعَمْ» . فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، فَوَجَدْنَا الْجَزُورَ لَمْ تُنْحَرْ فَنُحِرَتْ ثُمَّ قُطِّعَتْ ثُمَّ طُبِخَ مِنْهَا ثُمَّ أَكَلْنَا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.