لِلْكَلامِ السَّابِقِ، وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ هُوَ الْمُقْسَمُ بِهِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِأَفْعَالِ اللهِ تَعَالَى إذَا وُصِفَ بِهَا.
قَوْلُهُ: «فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» قَالَ الْعُلَمَاءُ: السِّرُّ فِي النَّهْيِ عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ أَنَّ الْحَلِفَ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ، وَالْعَظَمَةُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ لِلَّهِ وَحْدِهِ، فَلا يَحْلِفُ إِلا بِاَللَّهِ وَذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ وأحاديث الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللهِ لا يَنْعَقِدُ، لأنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَأُقْسِمُ بِاَللَّهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ
4865- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد: لأطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ إنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللهُ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَجَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَأَيْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» .
وَهُوَ حُجَّةٌ فِي أَنَّ إلْحَاقَ الاسْتِثْنَاءِ - مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ - يَنْفَعُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقْتَ الْكَلامِ الأوَّلِ.
4866- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: «وَأَيْمُ اللهِ إنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَفِي حَدِيثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ لَمَّا وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ جَاءَ عَلِيٌّ فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَأَيْمُ اللهِ إنْ كُنْتُ لأظُنُّ أَنْ يَجْعَلَك اللهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ.
4867- وَقَدْ سَبَقَ مِنْ حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ: «وَأَيْمُ اللهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا» .
وَقَوْلُ عُمَرَ لِغَيْلانَ بْنِ سَلَمَةَ: وَأَيْمُ اللهِ لَتُرَاجِعَنَّ نِسَاءَكَ.