فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ» ؟ فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي وَأَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ يَعْنِي الْعَضْبَاءَ، فَقَالَ: «أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ» . ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَا ... شَأْنُكَ» ؟ قَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلاحِ» . ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ» ؟ فَقَالَ: إنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي، قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ» . فَفُدِيَ بَعْدُ بِالرَّجُلَيْنِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ» الْجَرِيرَةُ: الْجِنَايَةُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ ثَقِيفًا لَمَّا نَقَضُوا الْمُوَادَعَةَ الَّتِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ بَنُو عُقَيْلٍ صَارُوا مِثْلَهُمْ فِي نَقْض الْعَهْدِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ الْبَابَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لا يَزُولُ مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الأسِيرِ بِمُجَرَّدِ إسْلامِهِ، لأنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ فِي الأسْرِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَفُكَّهُ مِنْ أَسْرِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ مِلْكِ مَنْ أَسَرَهُ. وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلإِمَامِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ إسْلامِ مَنْ عَرَفَ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَرْغَبْ فِي الإِسْلامِ وَإِنَّمَا دَعَتْهُ إلَى ذَلِكَ الضَّرُورَةُ وَلاسِيَّمَا إذَا كَانَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
4389- عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَجِيءَ بِالأسَارَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَنْفَلِتَنَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبِ عُنُقٍ» . قَالَ ... عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ إِلا سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ، فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الإِسْلامَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا رَأَيْتُنِي فِي ... يَوْمٍ أَخْوَفَ أَنْ يَقَعَ عَلَيَّ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ مِنِّي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِلا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ» . قَالَ: وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} إلَى آخِرِ الآيَاتِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.