يَكُونَ نَفَلًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ التَّنْفِيلَ مِنْهَا.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «رَحِمَ اللهُ مُوسَى» إلَى آخْره، فِيهِ الإِعْرَاضُ عَنْ الْجَاهِلِ وَالصَّفْحُ عَنْ الأذَى وَالتَّأَسِّي بِمَنْ مَضَى. وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِمَامِ أَنْ يُؤْثِرَ بِالْغَنَائِمِ أَوْ بِبَعْضِهَا مَنْ كَانَ مَائِلاً مِنْ أَتْبَاعِهِ إلَى الدُّنْيَا تَأْلِيفًا لَهُ وَاسْتِجْلابًا لِطَاعَتِهِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَجْنَادِهِ، قَوِيَّ الإِيمَانِ، مُؤْثِرًا لِلآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا.

بَابُ حُكْمُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ إذَا أَخَذَهَا الْكُفَّارُ ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُمْ

4358- عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: أُسِرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الأنْصَارِ وَأُصِيبَتْ الْعَضْبَاءُ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ الْوَثَاقِ، فَأَتَتْ الإِبِلَ فَجَعَلَتْ إذَا دَنَتْ مِنْ الْبَعِيرِ رَغَا، فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْعَضْبَاءِ فَلَمْ تَرْغُ، قَالَ: وَهِيَ نَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ - وَفِي رِوَايَةٍ: مُدَرَّبَةٌ - فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ، وَنُذِرُوا بِهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ، قَالَ: وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ، فَقَالُوا: الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: إنَّهَا نَذَرَتْ لِلَّهِ إنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ! بِئْسَمَا جَزَتْهَا نَذَرَتْ إنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا؟ لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلا فِيمَا لا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِم.

4359- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ، فَأَخَذَهُ الْعَدُوُّ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ، فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِأَرْضِ الرُّومِ،

وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.

4360- وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ غُلامًا لابْنِ عُمَرَ أَبَقَ إلَى الْعَدُوِّ فَظَهَرَ عَلَيْهِم الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلَى ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يُقْسَمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ: لا يَمْلِكُ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالْغَلَبَةِ شَيْئًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلِصَاحِبِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015