قَوْلُهُ: (أَمِتْ أَمِتْ) أَمْرٌ بِالْمَوْتِ، وَفِيهِ التَّفَاؤُلُ بِمَوْتِ الْخَصْمِ. وَفِي لَفْظٍ: (يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ) .
قَوْلُهُ: (يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عِنْدَ الْقِتَالِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ حَالَ الْقِتَالِ وَكَثْرَةَ اللَّغَطِ وَالصُّرَاخِ مَكْرُوهَةٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَ كَرَاهَتِهِمْ لِذَلِكَ أَنَّ التَّصْوِيتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رُبَّمَا كَانَ مُشْعِرًا بِالْفَزَعِ وَالْفَشَلِ بِخِلافِ الصَّمْتِ فَإِنَّهُ دَلِيلُ الثَّبَاتِ وَرِبَاطِ الْجَأْشِ.
4263- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ، وَمِنْ الْغَيْرَةِ مَا يَبْغُضُ اللهُ، وَإِنَّ مِنْ الْخُيَلاءِ مَا يُحِبُّ اللهُ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللهُ فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرِّيبَةِ، وَالْخُيَلاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَالْخُيَلاءُ الَّتِي يُبْغِضُ اللهُ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ فِي الْفَخْرِ وَالْبَغْيِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
قَوْلُهُ: «فَالْغَيْرَة فِي الرِّيبَةِ» نَحْوُ أَنْ يغار الرَّجُلُ عَلَى مَحَارِمِهِ إذَا رَأَى مِنْهُمْ فِعْلاً مُحَرَّمًا. وَأَمَّا الْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرِّيبَةِ فَنَحْوُ أَنْ يَغْتَارَ الرَّجُلُ عَلَى أُمِّهِ أَنْ يَنْكِحَهَا زَوْجُهَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَحَارِمِهِ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَبْغُضُهُ اللهُ تَعَالَى، لأنَّ مَا أَحَلَّهُ اللهُ تَعَالَى فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا الرِّضَا بِهِ، فَإِنْ لَمْ نَرْضَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ إيثَارِ حَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللهُ لَنَا.
4264- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يَغْزُ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِن سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا يُصْبِحُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.