بنَفْسِهِ فَاعْتَرَفَ فَلا يُقَامُ عَلَيْهِِ فِي ظَّاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدٍ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الأَصْحَابُ وَغَيْرِهِمْ فِي الْمُحَارِبِينَ. وَإِنْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا شَهِدَ بِهِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ وَاخْتَارَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ أُقِيمَ وَإِلا لا. انْتَهَى.
4035- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ مَاعِزٌ الأَسْلَمِيُّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنَّهُ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ شِقِّهِ الآخَرِ فَقَالَ: إنَّهُ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ شِقِّهِ الآخَرِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ قَدْ زَنَى، فَأَمَرَ بِهِ فِي الرَّابِعَةِ، فَأُخْرِجَ إلَى الْحَرَّةِ فَرُجِمَ بِالْحِجَارَةِ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَرَّ يَشْتَدُّ حَتَّى مَرَّ بِرَجُلٍ مَعَهُ لَحْيُ جَمَلٍ فَضَرَبَهُ بِهِ وَضَرَبَهُ النَّاسُ حَتَّى مَاتَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ فَرَّ حِينَ وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ وَمَسَّ الْمَوْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلا تَرَكْتُمُوهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
4036- وَعَنْ جَابِرٍ - فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ - قَالَ: كُنْت فِيمَنْ رَجَمَ الرَّجُلَ، إنَّا لَمَّا خَرَجْنَا بِهِ فَرَجَمْنَاهُ فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ صَرَخَ بِنَا: يَا قَوْمُ رُدُّونِي ... إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ ... رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ قَاتِلِي، فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ فَلَمَّا رَجَعْنَا إلَى ... رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ: «فَهَلا تَرَكْتُمُوهُ وَجِئْتُمُونِي بِهِ» ؟ لِيَسْتَثْبِتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ، فَأَمَّا تَرْكُ حَدٍّ فَلا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «هَلا تَرَكْتُمُوهُ» . اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُقْبَل مِنْ الْمُقِرِّ الرُّجُوعُ عَنْ الإِقْرَارِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ
أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْعِتْرَةُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلٍ لَهُ. وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْبَتِّيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لا يُقْبَل مِنْهُ الرُّجُوعُ عَنْ الإِقْرَارِ بَعْدَ كَمَالِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الإِقْرَارَاتِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةُ إذَا هَرَبَ الْمَرْجُومُ بِالْبَيِّنَةِ أُتْبِعَ الرَّجْمَ حَتَّى يَمُوتَ لا بِالإِقْرَارِ لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَاعِزٍ: «هَلا خَلَّيْتُمُوهُ» . انْتَهَى.