الْعِتْرَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ فَقَطْ، وَتَمَسَّكَ بِتَمْكِينِهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّجُلَ الْمَطْعُونَ بِالْقَرْنِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ الْقِصَاصِ قَبْلَ الْبُرْءِ. إلى أن قال: قَوْلُهُ: (ثُمَّ نَهَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ) . يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الِاقْتِصَاصِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ.
3934- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ عَصَبَتُهَا مَنْ كَانُوا وَلا يَرِثُوا مِنْهَا إلا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا وَإِنْ قَتَلَتْ فَعَقْلُهَا بَيْنَ وَرَثَتِهَا وَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهَا. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ.
3935- وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «وَعَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَأَرَادَ بِالْمُقْتَتِلِينَ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ الطَّالِبِينَ الْقَوَدَ وَيَنْحَجِزُوا أَيْ يَنْكَفُّوا عَنْ الْقَوَدِ بِعَفْوِ أَحَدِهِمْ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً وَقَوْلُهُ: «الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ» أَيْ الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِالْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلدَّمِ جَمِيعُ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالسَّبَبِ وَالنَّسَبِ فَيَكُونُ الْقِصَاصُ إلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ. انتهى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَوِلايَةُ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ لَيْسَتْ عَامَّة لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ بَلْ تَخْتَصُّ بِالْعُصْبَةِ. انْتَهَى.
قَالَ الشَّارِحُ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الدِّمَشْقِيُّ وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي إسْنَادِهِ حِصْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمِ الرَّازِيّ: لا أَعْلَمُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ الأَوْزَاعِيِّ وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا نَسَبَهُ.