قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْقَتْلَ عَلَى ثَلاثَةِ أَضْرُبٍ: عَمْدٌ، وَخَطَأٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاهِيرُ
الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَجَعَلُوا فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصَ. وَفِي الْخَطَإِ الدِّيَةَ وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةً مُغَلَّظَةً.
3923- عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَقَتَلَهُ الآخَرُ يُقْتَلُ الَّذِي قَتَلَ وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
3924- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَضَى فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا وَأَمْسَكَهُ آخَرُ قَالَ: يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسُ الآخَرُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُمْسِكَ لِلْمَقْتُولِ حَالَ قَتْلِ الْقَاتِلِ لَهُ لا يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ وَلا يُعَدُّ فِعْلُهُ مُشَارَكَةً حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَالْحَبْسُ الْمَذْكُورُ جَعَلَهُ الْجُمْهُورُ مَوْكُولًا إلَى نَظَرِ الإِمَامِ فِي طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا لأَنَّ الْغَرَضَ تَأْدِيبُهُ وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ النَّخَعِيّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ أَنَّهُ يُقْتَلُ الْمُمْسِكُ كَالْمُبَاشِرِ لِلْقَتْلِ لأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ، وَالْحَقُّ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْحَدِيثِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا اتَّفَقَ الْجَمَاعَةُ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَلأَوْلِياءِ الدَّمِّ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ وَلَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا بَعْضُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْن الْقَاتِل فَلِلأَوْلِياءِ أَنْ يحلفُوا عَلَى وَاحِدٍ بِقَتْلِهِ وَيُحْكَمُ لَهُمْ بِالدَّمِّ. انْتَهَى.
3924- عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الرُّبَيِّعِ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا إلَيْهَا الْعَفْوَ فَأَبَوْا فَعَرَضُوا الأَرْشَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبَوْا إلا الْقِصَاصَ فَأَمَرَ
رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْقِصَاصِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ