بَعْدَ احْتِلام» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد والطَّيَالِسي فِي مُسْنَدِهِ.
3857- وَعَائِشَةُ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى رَجُلٌ فَقَالَ: «مَنْ هَذَا» . قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَ: «يَا عَائِشَةُ انْظُرْنَ إِخْوَانَكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ» .
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ - يَعْنِي قِصَّةِ سَالِمْ - مَنْ قَالَ: إنَّ إرْضَاعَ الْكَبِيرِ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ عَائِشَةُ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَاللَّيْثُ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الإِطْلاقَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} . وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ حُكْمَ الرَّضَاعِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي الصَّغِيرِ وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّةِ سَالِمٍ بِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ دَعْوَى الِاخْتِصَاصِ تَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ مُخْتَصَّةً بِسَالِمٍ لَبَيَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا بَيَّنَ اخْتِصَاصَ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِالْجَذَعِ مِنْ الْمَعْزِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَقْتَضِي الرَّضَاعُ فِيهَا التَّحْرِيمَ عَلَى أَقْوَالٍ: الأَوَّلُ: أَنَّهُ لا يُحَرِّمُ مِنْهُ إلا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ. إِلَى أَنْ قَالَ: الْقَوْلُ التَّاسِعُ: أَنَّ الرَّضَاعَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الصِّغَرُ إلا فِيمَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَرَضَاعِ الْكَبِيرِ الَّذِي لا يُسْتَغْنَى عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَيَشُقُّ احْتِجَابُهَا مِنْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُ الإِسْلامِ
ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الأَحَادِيثِ، وَهَذِهِ طَرِيقٌ مُتَوَسِّطَةٌ. انتهى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَرِضَاعُ الْكَبِيرِ تُنْشَرُ بِه الْحُرْمَةُ بِحِيث يُبِيحُ الدُّخُولُ وَالْخُلْوَة إِذَا كَانَ قَدْ رُبِّيَ فِي الْبَيْتِ بِحِيث لا يَحَتَشِمُونَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ لِقِصَّةِ سَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة وَهُوَ بَعْضُ مَذْهَب عَائِشَة وَعَطَاءَ وَاللَّيْث وَدَاود مِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَة مُطْلَقًا. انْتَهَى.
3858- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: «إنَّهَا