النَّخْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ لِتِلْكَ الْحَاجَةِ وَلِمَا يُشَابِهُهَا بِالْقِيَاسِ.
وَقَدْ بَوَّبَ النَّوَوِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: (بَابُ جَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ مِنْ مَنْزِلِهَا فِي النَّهَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَلا يَجُوزُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) .
قَوْلُهُ «تَسَلَّبِي» أَيْ الْبَسِي السَّلابَ: وَهُوَ ثَوْبُ الإِحْدَادِ. وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ أَسْوَدُ تُغَطِّي بِهِ رَأْسَهَا. قَالَ العراقي فِي شرح الترمذي: ظاهره أنه لا يجب الإحداد عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بعد اليوم الثالث لأن أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ كانت زوج جعفر بالاتفاق، وهي والدة أولاده. وأجاب بأن هَذَا الْحَدِيثُ شاذ مخالف للأَحَادِيثِ الصحيحة َقَدْ أجمعوا عَلَى خلافه.
3821- عَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ قَالَتْ: خَرَجَ زَوْجِي فِي طَلَبِ أَعْلاجٍ لَهُ فَأَدْرَكَهُمْ فِي طَرَفِ الْقُدُومِ فَقَتَلُوهُ، فَأَتَانِي نَعْيُهُ وَأَنَا فِي دَارٍ شَاسِعَةٍ مِنْ دُورِ أَهْلِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ، فَقُلْت: إنَّ نَعْيَ زَوْجِي أَتَانِي فِي دَارٍ شَاسِعَةٍ مِنْ دُورِ أَهْلِي، وَلَمْ يَدَعْ نَفَقَةً وَلا مَالاً وَرِثْتُهُ، وَلَيْسَ الْمَسْكَنُ لَهُ، فَلَوْ تَحَوَّلْت إلَى أَهْلِي وَإِخْوَتِي لَكَانَ أَرْفَقَ لِي فِي بَعْضِ شَأْنِي، قَالَ: «تَحَوَّلِي» . فَلَمَّا خَرَجْت إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ إلَى الْحُجْرَةِ دَعَانِي أَوْ أَمَرَ بِي فَدُعِيتُ، فَقَالَ: «اُمْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي أَتَاكِ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» . قَالَتْ: فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. قَالَتْ: وَأَرْسَلَ إلَيَّ عُثْمَانُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَخَذَ بِهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَةْ إرْسَالَ عُثْمَانَ.
3822- وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} نُسِخَ ذَلِكَ
بِآيَةِ الْمِيرَاثِ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا مِنْ الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ، وَنُسِخَ أَجَلُ الْحَوْلِ أَنْ جُعِلَ أَجَلُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ فُرَيْعَةَ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي بَلَغَهَا نَعْيُ زَوْجِهَا وَهِيَ فِيهِ وَلا تَخْرُجُ مِنْهُ