أَوْ رَجْعَةٍ أَوْ عَتَاقٍ كَمَا فِي الأَحَادِيثِ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: «فِي إغْلاقٍ» فَسَّرَهُ عُلَمَاءُ الْغَرِيبِ بِالإِكْرَاهِ، وَقِيلَ: الْجُنُونُ. وَقِيلَ: الْغَضَبُ. وَرَدَّهُ ابنُ السَّيِّد فَقَال: لَوْ كَأنَ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَى أَحَد طلاق لأَنَّ أَحَدًا لا يطلق حَتَّى يغضب. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الإِغْلاقُ: التَّضْيِيقُ. وقد اسْتَدَلُّ بهذا الحديث من قال: أنه لا يصح طَلاقِ المكره، وبه قال جماعة من أهل العلم ويؤيد ذلك حديث: «رفع عن أمتي الخطأ والنيسان وما استكرهوا عليه» واحتج عطاء بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} وقال: الشرك أعظم من الطَّلاقُ.
قَوْلُهُ: «أبه جْنُونٍ» ؟ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الإقرار من الْمَجْنُونٍ لا يصح، وكذلك سائر التصرفات والإنشاءات ولا أحفظ في ذلك خلافًا.
قَوْلُهُ: «أشرب خمرًا» ؟ فيه دليل أيضًا على أن إِقْرَار السَّكْرَان لا يصح وَكَأَنَّ الْمُصَنَّف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قَاسَ طَلاقُ السَّكْرَانَ عَلى إِقْرَارِه، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْم فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّكْرَان الَّذِي لا يَعْقِل لا حُكْمَ لِطَلاقِهِ لِعَدَمْ الْمَنَاط الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الأَحْكَام، وَقَدْ عَيَّنَ الشَّارِعُ عُقُوبَتَهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُجَاوِزَهَا بِرَأْيِنَا. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
3721- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَيِّدِي زَوَّجَنِي أَمَتَهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا؟ قَالَ: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا؟ إنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
3722- وَعَنْ عُمَرَ بْنِ مُعَتِّبٍ أَنَّ أَبَا حَسَنٍ - مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اسْتَفْتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فِي مَمْلُوكٍ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ عَتَقَا هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَضَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ.