الصحابة وأئمة المذاهب الأربعة وطائفة من أهل البيت منهم أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - إلى أن الطلاق يتبع الطلاق، وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن الطلاق لا يتبع الطلاق بل يقع واحدة فقط، وإليه ذهب جماعة من المتأخرين منهم ابن تيمية وابن القيم وجماعة من المحققين، وذهب بعض الإمامية أنه لا يقع بالطلاق المتتابع شيء، وبه قال أبو عبيدة وبعض أهل الظاهر وسائر من يقول إن الطلاق البدعي لا يقع، وذهب جماعة من أصحاب ابن عباس وإسحق بن راهويه أن المطلقة إن كانت مدخولة وقعت الثلاث وإن لم تكن مدخولة فواحدة. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
وقد اختلف الناس في تأويل هذا الحديث، فذهب بعض التابعين إلى ظاهره، في حق من لم يدخل بها، كما دلت عليه رواية أبي داود. وتأوله بعضهم على صورة تكرير لفظ الطلاق، بأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. فإنه يلزمه واحدة، إذا قصد تكرير الإيقاع، فكان الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأبي بكر على صدقهم، وسلامتهم، وقصدهم في الغالب الفضيلة والاختيار، لم يظهر فيهم خب ولا خداع، وكانوا يصدقون في إرادة التوكيد فلما رأى عمر في زمانه أمورًا ظهرت، وأحوالاً تغيرت، وفشا إيقاع الثلاث جملة، بلفظ لا يحتمل التأويل، ألزمهم الثلاث في صورة التكرير إذ صار الغالب عليهم قصدها، وقد أشار إليه بقوله: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناه.
قال أحمد بن حنبل: كل أصحاب ابن عباس رووا عنه خلاف ما قال طاوس سعيد بن جبير، ومجاهد، ونافع عن ابن عباس بخلافه.
وقال أبو داود، في سننه: صار قول ابن عباس فيما حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وعن محمد بن إياس أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سئلوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثًا، فكلهم قال: لا يحل له حتى تنكح زوجًا غيره.
قَالَ الشَّارِحُ: والحاصل أن القائلين بالتتابع قد استكثروا من الأجوبة ... على