3675- وَفِي رِوَايَةٍ: «لا تَصُومُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلا بِإِذْنِهِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا النَّسَائِيّ.
وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يَمْنَعُهَا مِنْ صَوْمِ النَّذْرِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا إلا بِإِذْنِهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ» أَيْ مِنْ ضِلَعِ آدَمَ الَّذِي خُلِقَتْ مِنْهُ حَوَّاءُ. وَالْحَدِيثُ فِيهِ الإِرْشَادُ إلَى مُلاطَفَةِ النِّسَاءِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا لا يَسْتَقِيمُ مِنْ أَخْلاقِهِنَّ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُنَّ خُلِقْنَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الَّتِي لا يُفِيدُ مَعَهَا التَّأْدِيبُ وَلا يَنْجَحُ عِنْدَهَا النُّصْحُ فَلَمْ يَبْقَ إلا الصَّبْرُ وَالْمُحَاسَنَةُ وَتَرْكُ التَّأْنِيبِ وَالْمُخَاشَنَةُ.
قَوْلُهُ: «لا يَفْرَكُ» بِالْفَاءِ سَاكِنَةً بَعْدَهَا رَاءٌ وَهُوَ الْبُغْضُ. وَالْحَدِيثُ فِيهِ الإِرْشَادُ إلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْبُغْضِ لِلزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ كَرَاهَةِ خُلُقٍ مِنْ أَخْلاقِهَا فَإِنَّهَا لا تَخْلُو مَعَ ذَلِكَ عَنْ أَمْرٍ يَرْضَاهُ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (الْبَنَاتِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْبَنَاتُ: التَّمَاثِيلُ الصِّغَارُ يُلْعَبُ بِهَا. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَمْكِينُ الصِّغَارِ مِنْ اللَّعِبِ بِالتَّمَاثِيلِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِبِنْتِهِ ذَلِكَ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّ اللَّعِبَ بِالْبَنَاتِ لِلَبِنَاتِ الصِّغَارِ رُخْصَةٌ.
قَوْلُهُ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ» إلَى آخْره، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ مَزِيَّةُ حُسْنِ الْخُلُقِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ الْكَامِلِ.
قَوْلُهُ: «وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ» فِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَعْلَى النَّاسِ رُتْبَةً فِي الْخَيْرِ، وَأَحَقُّهُمْ بِالِاتِّصَافِ بِهِ هُوَ مَنْ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لأَهْلِهِ، فَإِنَّ الأَهْلَ هُمْ الأَحِقَّاءُ بِالْبِشْرِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَالإِحْسَانِ وَجَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضُّرِّ.
قَوْلُهُ: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ ... تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» قَالَ الشَّارِحُ: وَيُؤَيِّدُ أَحَادِيثَ الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ، فَقُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: إنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ