بِالْحَجَرِ يَأْخُذُ ذَكَرَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِ حَجَرًا (فَهِيَ) أَيْ السُّنَّةُ الزَّائِدَةُ (مُسْتَحَبَّةٌ) نُقِلَ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّ الْأَدَبَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَالنَّافِلَةَ مَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً مَرَّة وَتُسَمَّى سُنَّةٌ أَيْضًا.

وَعَنْ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ الْمُسْتَحَبُّ أَدْوَنُ مِنْ السُّنَّةِ وَأَعْلَى مِنْ الْأَدَبِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَعْضَ الْأَدَبِ عَنْ الْمُسْتَحَبِّ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْمُسْتَحَبُّ عَلَى السُّنَّةِ (فَظَهَرَ أَنَّ) (الْبِدْعَةَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) وَهُوَ اللُّغَوِيُّ (ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ) (مُرَتَّبَةٍ فِي الْقُبْحِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الْقُبْحِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مُرَتَّبَةٌ فَأَعْظَمُ الْقُبْحِ فِي الِاعْتِقَادِيَّةِ فَالْعِبَادِيَّةِ فَالْعَادِيَّةِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقُبْحَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الشَّرْعِيِّ، وَاللُّغَوِيُّ مُقَابِلٌ لِلشَّرْعِيِّ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْقُبْحُ فِي اللُّغَوِيِّ سِيَّمَا الْعَادِيَّةُ فِي مَادَّةِ الِافْتِرَاقِ مِنْ الشَّرْعِيِّ، وَقَدْ صَرَّحَ آنِفًا بِعَدَمِ ضَلَالَةِ تَرْكِ الْعَادِيَّةِ بَلْ بِكَوْنِهَا تَرْكٌ أَوْلَى وَمَا لَا ضَلَالَةَ فِيهِ لَا قُبْحَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ سِيَّمَا عِنْدَ الْمَاتُرِيدِيَّةِ وُجُودَ الْقُبْحِ فِي غَيْرِ الشَّرْعِيِّ وَإِطْلَاقُ الْقُبْحِ فِي الْعَادِيَّةِ تَجَوُّزٌ إذْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ ثَلَاثَةٌ صِفَةُ الْكَمَالِ وَالنَّقْصِ وَمُلَائَمَةُ الْغَرَضِ وَمُنَافَرَتُهُ، وَالثَّالِثُ تَعَلُّقُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ عَاجِلًا وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ آجِلًا وَهُوَ الْمَعْنَى فِي الْمَقَامِ فَتَرْكُ الْعَادِيَّةِ، وَإِنْ أَوْجَبَ الثَّوَابَ لَكِنَّ فِعْلَهَا لَا يُوجِبُ الْعِقَابَ نَقَلَ شَارِحُ الْمَشَارِقِ الْبِدْعَةُ خَمْسَةٌ وَاجِبَةٌ كَنَظْمِ الدَّلَائِلِ وَمَنْدُوبَةٌ كَتَصْنِيفِ الْكُتُبِ وَمُبَاحَةٌ كَالتَّبَسُّطِ بِأَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ عِنْدَ ضِيَافَةِ الْإِخْوَانِ وَمَكْرُوهَةٌ وَحَرَامٌ وَهُمَا ظَاهِرَانِ (فَإِذَا عَلِمْت هَذِهِ) الْمَذْكُورَاتِ (فَالْمَنَارَةُ) إنَّمَا كَانَتْ مُسْتَحَبَّةً مَعَ كَوْنِهَا بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا (عَوْنٌ لِإِعْلَامِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) لِلنَّاسِ (الْمُرَادُ) صِفَةٌ لِلْإِعْلَامِ (مِنْ الْأَذَانِ وَالْمَدَارِسُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ عَوْنٌ (وَتَصْنِيفُ الْكُتُبِ) شَرْعِيَّةٌ أَصْلِيَّةٌ وَفَرْعِيَّةٌ وَآلَةٌ لَهُمَا كَعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ (عَوْنٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّبْلِيغِ) الْوَاجِبَيْنِ فَعَوْنُهُمَا لَا أَقَلَّ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ. .

(وَرَدُّ الْمُبْتَدِعَةِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ نَهْيٌ (بِنَظْمِ) أَيْ تَرْتِيبِ (الدَّلَائِلِ) الْعَقْلِيَّةِ أَوْ النَّقْلِيَّةِ صَالِحَةً لِتَحْقِيقِ الْمَسَائِلِ (نَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ وَذَبٌّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ دَفْعٌ وَمَنْعٌ وَطَرْدٌ وَرَدْعٌ وَزَجْرٌ (عَنْ الدِّينِ) وَهَذَا وَاجِبٌ فَالرَّدُّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى الْوَاجِبِ وَاجِبٌ (فَكُلُّ مَأْذُونٍ فِيهِ) نَتِيجَةٌ لِقَوْلِهِ فَالْمَنَارَةُ وَمَعْطُوفَاتُهَا تَقْرِيرُهُ الْمَنَارَةُ عَوْنٌ لِإِعْلَامِ الْوَقْتِ وَعَوْنُ إعْلَامِ الْوَقْتِ مَأْذُونٌ فِيهِ فَالْمَنَارَةُ مَأْذُونٌ فِيهِ وَالْبِدْعَةُ لَا تَكُونُ مَأْذُونًا فَيَنْتِجُ مِنْ الشَّكْلِ الثَّانِي الْمَنَارَةُ لَيْسَتْ بِبِدْعَةٍ (بَلْ مَأْمُورٌ بِهِ) نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا لَعَلَّ الْأَمْرَ مُفَادٌ مِنْ الْعُمُومَاتِ الْوَارِدَةِ نَحْوُ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] وَقِيلَ مِنْ نَحْوِ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] ؛ لِأَنَّ نَحْوَ بِنَاءِ الْمَنَارَةِ مِنْ جُمْلَةِ مُحَافَظَةِ الصَّلَوَاتِ (وَعَدَمُ وُقُوعِهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ مِنْ أَنَّ مَا يَكُونُ عَوْنًا لِلْخَيْرِ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مَعَ عَدَمِ وُقُوعِهِ لَعَلَّ الْأَوَّلَ إضَافِيٌّ شَامِلٌ لِلْقَرْنِ الثَّانِي بَلْ الثَّالِثِ (إمَّا لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ) لِقُوَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَى الصَّلَاةِ لَا يَحْتَاجُونَ لِلْإِعْلَامِ وَلِقُوَّةِ ذَكَائِهِمْ وَعُلُومِهِمْ وَحُصُولِ السَّمَاعِ مِنْ الرَّسُولِ لَا يَحْتَاجُونَ لِمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَبِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةِ الثِّقَاتِ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ اسْتَغْنَوْا عَنْ تَصْنِيفِ الْكُتُبِ وَبِقِلَّةِ الْمُخَالِفِينَ عَنْ نَظْمِ الدَّلَائِلِ (أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ بِ) سَبَبِ (عَدَمِ الْمَالِ) فِي نَحْوِ الْمَنَارَةِ وَالْمَدَارِسِ لِإِعْرَاضِهِمْ عَنْ الدُّنْيَا (أَوْ لِعَدَمِ التَّفَرُّغِ لَهُ بِالِاشْتِغَالِ بِالْأَهَمِّ) كَالْجِهَادِ مَعَ الْكُفَّارِ بَلْ النَّفْسِ وَنِظَامِ الْمُسْلِمِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015