إلَّا أَنْ تَبْدُوَ) أَيْ تَظْهَرَ لَهُ (حَاجَةٌ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ طَبْعًا) كَبَوْلٍ وَغَائِطٍ وَكَتَحْرِيكِ عُضْوٍ لِنَحْوِ أَلَمٍ وَاسْتِرَاحَةٍ (أَوْ شَرْعًا) كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ الْمُنْكَرِ (فَلَا يَجِدُ حِينَئِذٍ بُدًّا مِنْ بَعْضِ مَا ذُكِرَ)
قِيلَ وَمِنْ سُنَنِ الِاسْتِمَاعِ سُكُونُ الْأَطْرَافِ وَغَضُّ الْبَصَرِ وَعَقْدُ الْقَلْبِ وَعَزْمُهُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَالْقِيَامِ بِحَقِّهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَتِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وُفِّقَ لِلْعَمَلِ وَإِيفَاءِ حَقِّهِ وَمِنْ سُنَنِهِ أَنْ لَا يَبْحَثَ عَمَّا يَسْمَعُ حَتَّى يَأْتِيَ الْقَائِلُ عَلَى تَمَامِهِ فَإِنْ بَقِيَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَلَا بَأْسَ بِالْبَحْثِ عَنْهَا بَعْدَ إتْمَامِ الْقَائِلِ كَلَامَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْصَافِ وَتَرْكُ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ أَقْرَبُ إلَى التَّوْفِيرِ وَالِاحْتِرَامِ وَعَنْ الشِّرْعَةِ وَشَرْحِهِ وَالسُّنَّةُ فِي الِاسْتِمَاعِ لِلْحَدِيثِ وَالْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلُ فَهْمَهُ وَذِهْنَهُ لِكَلَامِ الْمُحَدِّثِ وَيُنْصِتَ لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ وَعَدَ الرَّحْمَةَ لِلْمُنْصِتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] وَمِنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يُكْرَهُ لِلْقَوْمِ أَنْ يَقْرَءُوا الْقُرْآنَ جَمَاعَةً لِتَضَمُّنِهَا تَرْكَ الِاسْتِمَاعِ وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ اسْتَمَعَ إلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» وَلِلْقَارِئِ أَجْرٌ وَلِلْمُسْتَمِعِ أَجْرَانِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْمَعُ وَيُنْصِتُ فَعَمَلُهُ اثْنَانِ