وَإِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ» وَأَيْضًا فِيهِ عَلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِطَرِيقٍ آخَرَ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر: 53] الْآيَةَ) بِالْكُفْرِ وَالْقَتْلِ وَالظُّلْمِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي الْإِسْرَافُ الْإِفْرَاطُ فِي الْجِنَايَةِ وَعَنْ الرَّاغِبِ هُوَ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي فِعْلٍ يُجَبُّ وَالذَّنْبُ عَامٌ فِيهِ وَفِي التَّقْصِيرِ {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أَيْ مَغْفِرَةِ وَقَبُولِ التَّوْبَةِ {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] .
عَنْ مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ الْكَبِيرِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي حَقِّ وَحْشِيٍّ حَيْثُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ وَحْشِيًّا قَاتِلَ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَتَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنِّي أُرِيدُ الْإِسْلَامَ لَكِنْ مَنَعَنِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68]- فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا} [الفرقان: 70] الْآيَةَ فَكَتَبَهَا إلَى وَحْشِيٍّ فَكَتَبَ وَحْشِيٌّ وَلَا أَدْرِي هَلْ أَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116]- فَكَتَبَهَا إلَى وَحْشِيٍّ فَكَتَبَ وَحْشِيٌّ أَيْضًا إنَّ فِيهَا شَرْطًا لَا أَدْرِي هَلْ يَشَاءُ مَغْفِرَتِي أَوْ لَا فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ} [الزمر: 53] الْآيَةَ» انْتَهَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ إلَّا مِنْ سِعَةِ رَحْمَتِهِ وَأَنَّهَا أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6] فَإِنَّهُ الَّذِي يَهَبُ كُفْرَ سَبْعِينَ سَنَةً بِإِيمَانِ سَاعَةٍ