فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَغْرَبِ شَيْءٍ قَرَأْته فِي كِتَابِ اللَّهِ إنَّ هَامَةً جَاءَتْ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَقَالَتْ السَّلَامُ عَلَيْك يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَقَالَ وَعَلَيْك السَّلَامُ يَا هَامَةُ لِمَ لَا تَأْكُلِينَ مِنْ الزَّرْعِ قَالَتْ خَرَجَ آدَم بِسَبَبِهِ قَالَ لِمَ لَا تَشْرَبِينَ مِنْ الْمَاءِ قَالَتْ غَرِقَ فِيهِ قَوْمُ نُوحٍ قَالَ لِمَ تَرَكْت الْعُمْرَانَ وَاخْتَرْت الْخَرَابَ قَالَتْ؛ لِأَنَّ الْخَرَابَ مِيرَاثُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فَمَا صِيَاحُك فِي الدُّورِ قَالَتْ أَقُولُ وَيْلٌ لِبَنِي آدَمَ كَيْفَ يَنَامُونَ وَأَمَامَهُمْ الشَّدَائِدُ قَالَ لِمَ لَا تَخْرُجِينَ فِي النَّهَارِ قَالَتْ مِنْ كَثْرَةِ ظُلْمِ بَنِي آدَمَ لِأَنْفُسِهِمْ قَالَ مَا تَقُولِينَ فِي صِيَاحِك قَالَتْ أَقُولُ تَزَوَّدُوا يَا غَافِلُونَ وَتَهَيَّئُوا لِسَفَرِكُمْ سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَيْسَ فِي الطُّيُورِ أَنْصَحُ لِابْنِ آدَمَ وَأَشْفَقُ مِنْ الْهَامَةِ وَلَا فِي قُلُوبِ الْجُهَّالِ أَبْغَضُ مِنْهَا (خ م عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا عَدْوَى» بِطَبْعِهَا كَالطَّبائِعِيِّينَ وَالْأَطِبَّاءِ فِي بَعْضِ الْأَمْرَاضِ كَمَا سَبَقَ «وَلَا طِيَرَةَ وَإِنَّمَا الشُّؤْمُ» ضِدُّ الْيُمْنِ «فِي ثَلَاثٍ فِي الْفَرَسِ» بِأَنْ تَكُونَ شَمُوسًا أَوْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُحَرَّمِ «وَالْمَرْأَةِ» بِأَنْ تَكُونَ بَذِيَّةَ اللِّسَانِ أَوْ عَاقِرًا أَوْ مُعَرَّضَةَ الْعَيْبِ «وَالدَّارِ» بِضِيقِ مَسَاكِنِهَا وَسُوءِ جِيرَانِهَا (وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ «ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ» قِيلَ مَعْنَاهُ لَوْ كَانَ لِلشُّؤْمِ وُجُودٌ لَكَانَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلَيْسَ فَلَيْسَ (د عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا فِيهَا وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَتَحَوَّلْنَا» نَقَلْنَا وَهَاجَرْنَا «إلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا» بِالْمَوْتِ «وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا» بِالتَّلَفِ وَعَدَمِ النَّمَاءِ «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَرُوهَا ذَمِيمَةً» اخْتَلَفُوا فِي تَطْبِيقِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ» بِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلَا طِيَرَةَ» وَجْهُ التَّعَارُضِ أَنَّ قَوْلَهُ «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ» فِي قُوَّةٍ سَالِبَةٍ كُلِّيَّةٍ أَعْنِي لَا شَيْءَ مِنْ الطِّيَرَةِ بِمَوْجُودٍ لِقَوْلِهِ وَلَا طِيَرَةَ وَقَوْلُهُ إنَّمَا الشُّؤْمُ فِي قُوَّةٍ مُوجِبَةٍ جُزْئِيَّةٍ أَعْنِي بَعْضَ الطِّيَرَةِ مَوْجُودٌ إذْ الطِّيَرَةُ هِيَ التَّشَاؤُمُ فَإِنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بَعْضٌ مِنْ مُطْلَقِ الطِّيَرَةِ فَهُمَا قَضِيَّتَانِ مُتَنَاقِضَتَانِ فَإِمَّا يُوَفِّقُ أَوْ يُرَجِّحُ إحْدَاهُمَا أَوْ يَحْكُمُ إنْ كَانَ مَوْضِعًا يَجْرِي فِيهِ النَّسْخُ بِنَسْخِ إحْدَاهُمَا إنْ عُلِمَ تَارِيخُهُمَا وَإِلَّا تَسَاقَطَا وَلَا يَحْكُمُ بِشَيْءٍ مِنْ مُوجِبِهِمَا فَيَحْكُمُ بِمَا تَقْتَضِي الْقَوَاعِدُ وَالْأُصُولُ إذَا لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (قَالَ بَعْضُهُمْ شُؤْمُ الثَّلَاثِ بِطَرِيقِ الْفَرْضِ) وَالتَّقْدِيرِ (بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى) وَهِيَ إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ إنْ لِلشَّكِّ وَأَصْلُ الشَّكِّ الْعَدَمُ أَوْ بِمَعْنَى لَوْ كَمَا أُشِيرَ آنِفًا وَأَنَّ بَعْضَ الرِّوَايَةِ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا كَبَعْضِ الْحَدِيثِ لِلْبَعْضِ الْآخَرِ وَالْآيَةِ كَذَلِكَ فَحَاصِلُهُ مُنِعَ لِقَوْلِهِ بَعْضُ الطِّيَرَةِ مَوْجُودٌ لَكِنْ يُرَدُّ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَهُ وَلَا طِيَرَةَ لَا يُلَائِمُ لِمَا ذَكَرَهُ لَا سِيَّمَا التَّعْبِيرُ بِكَلِمَةِ إنَّمَا الْمَوْضُوعَةُ لِلْحَصْرِ وَالتَّأْكِيدِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنَّمَا الشُّؤْمُ بَيَانُ تَغْيِيرٍ لِمَا قَبْلَهُ إذْ يَجُوزُ كَوْنُهُ بَيَانَ تَغْيِيرٍ بِالْعَطْفِ وَعَدَمُ ذِكْرِ أَهْلِ الْأُصُولِ لَيْسَ لِعَدَمِ جَوَازِهِ بَلْ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ وَانْضِبَاطِهِ كَمَا فِي الْمِرْآةِ وَأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ تَخْصِيصِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالْفَرْضِ وَجْهٌ بَلْ الْجَمِيعُ فِي الْإِمْكَانِ وَالِامْتِنَاعِ مُتَسَاوٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ ذَرُوهَا ذَمِيمَةً آبٍ عَنْ ذَلِكَ وَتَأْوِيلُهُ أَيْضًا بَعِيدٌ (وَ) قَالَ (بَعْضُهُمْ) مَنْعًا لِتِلْكَ الْجُزْئِيَّةِ بِمَعْنَى عَدَمِ اتِّحَادِ