(وَهُوَ مَلَكَةٌ بِهَا يُقْدِمُ عَلَى أُمُورٍ) مَهُولَةٍ يَصْعُبُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا (لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْدِمَ عَلَيْهَا) لِضَعْفِهِ كَالْقِتَالِ مَعَ الْكُفَّارِ إذَا كَانُوا زَائِدِينَ عَلَى ضِعْفِ الْمُسْلِمِينَ وَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْكِبْرُ وَالْعُجْبُ وَالصَّلَفُ وَالِاسْتِشَاطَةُ (وَتَفْرِيطُهُ الْجُبْنُ، وَهُوَ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ بِهَا يُحَجِّمُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَالْجِيمِ لَا بِالْهَاءِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ يَتَأَخَّرُ وَيَكُفُّ (عَنْ مُبَاشَرَةِ مَا يَنْبَغِي) أَنْ يَلِيقَ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ بَلْ يَجِبُ.

(وَ) الثَّالِثَةُ (الشَّهْوَةُ، وَهِيَ حَرَكَةُ النَّفْسِ) الْحَيَوَانِيَّةِ (طَلَبًا لِلْمُلَائِمِ) بِهَا صَيْدُ الْإِنْسَانِ وَسُخِّرَ فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ لَهَا مِمَّا يَجِدُ لَهَا حَظًّا عَاجِلًا (فَاعْتِدَالُهَا الْعِفَّةُ) قِيلَ هِيَ أَكْثَرُ مَا تَتَعَلَّقُ بِاللَّذَّاتِ الْبَهِيمِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَتَمَامُهَا يَتَعَلَّقُ بِحِفْظِ الْجَوَارِحِ وَلِذَا قَالَ (وَهِيَ مَلَكَةٌ بِهَا يُبَاشِرُ) الْإِنْسَانُ (الْمُشْتَهَيَاتِ) بِمُقْتَضَى طَبْعِهِ (عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ وَالْمُرُوءَةِ) قِيلَ عَنْ الْمُجْمَلِ مَهْمُوزَةٌ وَقِيلَ عَنْ الصِّحَاحِ الْمُرُوءَةُ الْإِنْسَانِيَّةُ وَلَك أَنْ تُشَدِّدَ بِمَعْنَى كَمَالِ الرُّجُولِيَّةِ قِيلَ هُوَ أُسُّ الْفَضَائِلِ مِنْ الْقَنَاعَةِ وَالزُّهْدِ وَغِنَى النَّفْسِ وَالسَّخَاءِ وَغَيْرِهَا (وَإِفْرَاطُهَا الشَّرَهُ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرُ شَرِه كَفَرِحَ غَلَبَهُ حِرْصُهُ (وَالْفُجُورُ) ، وَهُوَ الْكَذِبُ وَالِانْبِعَاثُ فِي الْمَعَاصِي كَمَا عَنْ الْمُجْمَلِ.

وَعَنْ الصِّحَاحِ وَالْفِسْقُ وَالْكَذِبُ وَأَصْلُهُ الْمَيْلُ (وَهُوَ مَلَكَةٌ بِهَا يَتَنَاوَلُ) الْإِنْسَانُ (الْمُشْتَهَيَاتِ مُطْلَقًا) حَلَالًا أَوْ حَرَامًا مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ أَوْ لَا (وَتَفْرِيطُهَا) أَيْ الشَّهْوَةِ (الْخُمُودُ) فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ بِالْجِيمِ (وَهُوَ مَلَكَةٌ بِهَا يُقَصِّرُ) الْإِنْسَانُ لِضَعْفِ الْبِنْيَةِ أَوْ كِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ (عَنْ اسْتِيفَاءِ مَا يَنْبَغِي مِنْ الْمُشَهَّيَاتْ)

قِيلَ فَبِقَوْلِهِ مَا يَنْبَغِي خَرَجَ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَكُونُ لِتَحْصِيلِ التَّقْوَى وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَكَذَا الْوُقُوفُ عَنْ الشُّبُهَاتِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَمَا هُوَ مِنْهُ فَضِيلَةٌ، وَهُوَ الْوُقُوفُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ الضَّرُورَاتِ (وَالْأَوْسَاطُ) الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْحِكْمَةِ وَالْعِفَّةِ وَالشَّجَاعَةِ الَّتِي هِيَ الْفَضَائِلُ فِي أَنْفُسِهَا (تَحْصُلُ بِاسْتِخْدَامِ الْأَوَّلِ) النُّطْقَ (الْأَخِيرِينَ) الْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ بِقَهْرِهِمَا وَإِذْلَالِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّ النُّطْقَ يَعْنِيَ الْعَقْلَ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِمَا وَجَعَلَهُمَا خَادِمَيْنِ لَهُ تَحْصُلُ الْأَوْسَاطُ.

(وَالْأَطْرَافُ) السِّتَّةُ مِنْ الْجَرْبَزَةِ وَالْبَلَادَةِ وَالتَّهَوُّرِ وَالْجُبْنِ وَالشَّرَهِ وَالْخُمُودِ (تَحْصُلُ بِاسْتِخْدَامِهِمَا) الْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ (إيَّاهُ) أَيْ النُّطْقَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015