وَاتَّقُوا الْمَنَاهِيَ {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96] مِنْ الْأَمْطَارِ وَالرِّيَاحِ اللَّوَاقِحِ وَمِنْ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتَاتِ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: لَوَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ الْخَيْرَ وَيَسَّرْنَاهُ لَهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْخِصْبُ وَالرَّخَاءُ وَكَثْرَةُ الْمَوَاشِي وَزِيدَ الثِّمَارُ وَالْأَرْزَاقُ وَالْأَمْنُ وَالسَّلَامَةُ وَأَصْلُ الْبَرَكَةِ ثُبُوتُ الْخَيْرِ الْإِلَهِيِّ فِي الشَّيْءِ.
وَعَنْ الْبَغَوِيّ هِيَ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمُتَابَعَةُ سَوَاءٌ مَطَرًا أَوْ نَبَاتًا {وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ} [الأعراف: 96] عَاقَبْنَاهُمْ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ كَالْقَحْطِ {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96] بِسَبَبِ كَسْبِهِمْ الْأَعْمَالَ الْخَبِيثَةَ.
وَعَنْ الْعُيُونِ إذَا كَانَ الْمَرْءُ شَاكِرًا كَانَ سِعَةُ الرِّزْقِ فِيهِ مِنْ السَّعَادَةِ وَإِلَّا فَمِنْ الشَّقَاوَةِ وَفِي الْأَنْفَالِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ} [الأنفال: 29] بِطَاعَتِهِ وَتَرْكِ عِصْيَانِهِ {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] هِدَايَةً فَارِقَةً بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ أَوْ نَصْرًا فَارِقًا بَيْنَ الْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ بِإِعْزَازِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِذْلَالِ الْكَافِرِينَ أَوْ مَخْرَجًا مِنْ الشُّبُهَاتِ وَنَجَاةً مِمَّا يَحْذَرُونَ فِي الدَّارَيْنِ أَوْ ظُهُورًا لِيُشْهِرَ أَمْرَكُمْ وَيُثْبِتَ دِينَكُمْ كَمَا فِي الْبَيْضَاوِيِّ.
وَعَنْ الْخَازِنِ فُرْقَانًا يَعْنِي نُورًا فِي قُلُوبِكُمْ تُفَرِّقُونَ بِهِ الْحَقَّ عَنْ الْبَاطِلِ وَقِيلَ {وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [الأنفال: 29] الصَّغَائِرَ {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 29] ذُنُوبَكُمْ الْكَبَائِرَ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29] فَلَا تَطْلُبُوا الْفَضْلَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَعَنْ الْبَيْضَاوِيِّ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَا وَعَدَهُ بِمُقَابَلَتِهِ الْعَمَلَ تَفَضُّلِيٌّ لَا وُجُوبِيٌّ وَقِيلَ كَأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلْحُكْمِ يَعْنِي مَنْ كَانَ صَاحِبَ فَضْلٍ عَظِيمٍ يَقْدِرُ أَنْ يُعْطِيَ مِثْلَ هَذَا الْوَعْدِ.
وَفِي النُّورِ {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ} [النور: 52] بِسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ فِيمَا بَعْدُ فَلَمْ يَعْصِ اللَّهَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ جَامِعَةٌ لِكُلِّ مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَفْعَلَهُ {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52] بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ لِجَمْعِهِمْ أَسْبَابَ الْفَوْزِ وَفِي الطَّلَاقِ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} [الطلاق: 2] فِي الْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] إلَى الْحَلَالِ وَالطَّاعَةِ.
وَعَنْ الْوَاحِدِيِّ نَزَلَتْ فِي «عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَسَرَ الْعَدُوُّ ابْنًا لَهُ فَأَتَى الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ وَشَكَا إلَيْهِ الْفَاقَةَ أَيْضًا فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّه وَاصْبِرْ وَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَبَيْنَا هُوَ فِي بَيْتِهِ إذْ أَتَاهُ ابْنُهُ وَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ الْعَدُوُّ فَأَصَابَ إبِلًا وَجَاءَ بِهَا إلَى أَبِيهِ» فَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3] أَيْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ يَعْنِي يُوَسِّعُ رِزْقَهُ.
«وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَاسْتَاقَ غَنَمَهُمْ فَجَاءَ بِهَا إلَى أَبِيهِ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ آلَافِ شَاةٍ فَانْطَلَقَ أَبُوهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ عَنْ حِلِّهِ فَقَالَ نَعَمْ» وَفِي الطَّلَاقِ أَيْضًا {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} [الطلاق: 4] فِي أَحْكَامِهِ فَيُرَاعِي حُقُوقَهَا وَيَصْبِرْ {يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ} [الطلاق: 4] أَمْرِ الدَّارَيْنِ {يُسْرًا} [الطلاق: 4] يُسَهِّلُهُ وَيُوَفِّقُهُ وَفِي الطَّلَاقِ أَيْضًا {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} [الطلاق: 5] بِطَاعَتِهِ {يُكَفِّرْ عَنْهُ} [الطلاق: 5] بِالْيَاءِ وَالنُّونِ {سَيِّئَاتِهِ} [الطلاق: 5] مِنْ الصَّلَاةِ إلَى الصَّلَاةِ وَمِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ {وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5] بِالْمُضَاعَفَةِ كَعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَفِي الْأَحْزَابِ