التَّمَانُعَ قَطْعِيٌّ وَمَنْطُوقَهَا لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ بَلْ الْقَطْعِيُّ إشَارَتُهَا الَّتِي هِيَ التَّمَانُعُ ثُمَّ تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ فِي رِسَالَتِنَا عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَفِي حَاشِيَتِنَا عَلَى تَفْسِيرِ الْإِخْلَاصِ لِأَبِي عَلِيٍّ سِينَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْمُشَابَهَةَ أَيْ الْمُمَاثَلَةَ إمَّا بِالِاتِّحَادِ فِي النَّوْعِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍ وَفِي كَوْنِهِمَا إنْسَانًا فَظَاهِرٌ إذْ الْإِمْكَانُ وَالْوُجُوبُ نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ وَإِمَّا بِصَلَاحِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَا يَصْلُحُ لَهُ الْآخَرُ فَلِأَنَّ أَوْصَافَهُ تَعَالَى أَعْلَى وَأَجَلُّ مِمَّا فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِحَيْثُ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْمُشَابَهَةَ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَلَا شَيْءَ يُسَاوِيهِ فِي ذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ.
(لَيْسَ بِجِسْمٍ) لِأَنَّ الْجِسْمَ مُرَكَّبٌ فَيَحْتَاجُ إلَى الْجُزْءِ وَالِاحْتِيَاجُ دَلِيلُ الْإِمْكَانِ (وَلَا عَرَضٍ) لِأَنَّهُ مَا يَفْتَقِرُ إلَى مَحَلٍّ يُقَوِّمُهُ فَيَكُونُ مُمْكِنًا (وَلَا جَوْهَرٍ) وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ فَجُزْءٌ لِلْجِسْمِ وَمُتَحَيِّزٌ فَيَكُونُ مُمْكِنًا وَأَمَّا عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ فَلِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُمْكِنِ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ التَّفْتَازَانِيُّ إذَا أُرِيدَ بِالْجِسْمِ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ وَبِالْجَوْهَرِ الْمَوْجُودُ لَا فِي مَوْضِعٍ فَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ إطْلَاقُهُمَا لِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ (وَلَا مُصَوَّرٍ) أَيْ ذِي صُورَةٍ مِثْلِ صُورَةِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَوَاصِّ الْأَجْسَامِ (وَلَا مُتَنَاهٍ) أَيْ لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمَقَادِيرِ وَالْأَعْدَادِ (وَلَا مُتَحَيِّزٍ) لِأَنَّ الْحَيِّزَ هُوَ الْفَرَاغُ الْمُتَوَهَّمُ الَّذِي يَشْغَلُهُ شَيْءٌ مُمْتَدٌّ أَوْ غَيْرُ مُمْتَدٍّ فَلَوْ تَحَيَّزَ فَإِمَّا فِي الْأَزَلِ فَيَلْزَمُ قِدَمُ الْحَيِّزِ أَوْ لَا فَيَكُونُ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْحَيِّزِ فَيَكُونُ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْحَيِّزِ فَيَكُونُ مُمْكِنًا (وَلَا يَطْعَمُ) شَيْئًا مِنْ الْمَطْعُومَاتِ (وَلَا يَشْرَبُ) شَيْئًا مِنْ الْمَشْرُوبَاتِ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَوَاصِّ الْأَجْسَامِ وَمُوجِبٌ لِلِاحْتِيَاجِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} [الأنعام: 14] (لَمْ يَلِدْ) لِأَنَّهُ لَوْ تَوَلَّدَ عَنْهُ غَيْرُهُ لَكَانَ مُمَاثِلًا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي نَوْعِهِمَا وَقَدْ نَفَى ذَلِكَ قَبْلُ آنِفًا (وَلَمْ يُولَدْ) لِأَنَّهُ لَوْ تَوَلَّدَ عَنْ مِثْلِهِ لَجَرَتْ الْمُمَاثَلَةُ أَيْضًا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) فِي النَّوْعِ وَالْجِنْسِ كَمَا فِي الشَّخْصِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا فِي قُوَّةِ دَلِيلٍ لِمَا سَبَقَ لِأَنَّ نَفْيَ التَّسَاوِي مُطْلَقًا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْوَالِدِيَّةِ وَالْمَوْلُودِيَّة وَنَحْوِهِمَا