(مُشَوَّشٌ جِدًّا إذْ أَصْحَابُهَا يَتَصَرَّفُونَ) حَاصِلُهُ أَنَّ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ إمَّا مَمْلُوكَةٌ لِمُتَصَرِّفِيهَا أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، الْأَوَّلُ بَاطِلٌ وَالثَّانِي بَاطِلٌ فَالتَّشْوِيشُ فِيهَا ثَابِتٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ.

(فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ الْبَيْعِ) الشَّائِعِ فِي دِيَارِنَا وَالْوَاقِعِ فِي الْقَوَانِينِ السُّلْطَانِيَّةِ هُوَ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ لَا الْبَيْعِ بَلْ صَرَّحَ فِي مَعْرُوضَاتِ أَبِي السُّعُودِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّصَرُّفُ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْإِرْثِ (وَالْإِجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَنَحْوِهَا) إذْ أَمْثَالُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تَجْرِي فِي غَيْرِ الْمِلْكِ (وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا مِنْ الْمُوَظَّفَةِ) بَيَانٌ لِلْخَرَاجِ وَهُوَ الَّذِي سَمَّوْهُ رَسْمَ زَمِينٍ، وَالْمُقَاسَمَةُ يُقَالُ لَهَا فِي زَمَانِنَا الْعُشْرُ (وَالْمُقَاسَمَةُ) مَا يَكُونُ الْوَاجِبُ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْخَارِجِ كَالرُّبُعِ وَالْخُمُسِ، وَهَذَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ، وَالْمُوَظَّفُ مَا يَكُونُ الْوَاجِبُ شَيْئًا مُعَيَّنًا فِي الذِّمَّةِ بِمُجَرَّدِ تَمَكُّنِ الزِّرَاعَةِ (إلَى الْمُقَاتِلَةِ) أَيْ الْغُزَاةِ مُتَعَلِّقٌ بِ يُؤَدُّونَ (أَوْ) لِطَائِفَةٍ (غَيْرِهَا) مِنْ الْمَصَارِيفِ غَالِبًا (مِمَّنْ عَيَّنَهُ السُّلْطَانُ) وَكُلُّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ فَيَقْتَضِي الْمِلْكِيَّةَ (إلَّا أَنَّهُمْ إذَا بَاعُوا أَخَذَ بَعْضَ الثَّمَنِ مَنْ عَيَّنَهُ السُّلْطَانُ) .

وَجَمِيعُ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ يَقْتَضِي عَدَمَهَا فَيُشَوِّشُ (لِأَخْذِ الْخَرَاجِ) هُوَ مَنْ سَمَّوْهُ " بِالسَّبَاهِي " غَالِبًا وَسَمَّوْا مَا أَخَذَهُ حَقَّ الْقَرَارِ (فَإِذَا مَاتُوا) أَيْ أَصْحَابُ الْأَرَاضِي (فَإِنْ تَرَكُوا أَوْلَادًا ذُكُورًا يَرِثُونَهَا فَقَطْ دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ) وَمُقْتَضَى الْمِلْكِ هُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ لَكِنْ يَقُولُونَ إنَّهُ انْتِقَالٌ عَادِيٌّ لَا إرْثِيٌّ، وَفِي قَوْلِهِ فَإِذَا مَاتُوا بِصِيغَةِ الذُّكُورِ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ ذَلِكَ عِنْدَ فَوْتِ الْإِنَاثِ مِنْ الْمُتَصَرِّفَاتِ (وَلَا يَقْضِي مِنْهَا) أَيْ مِنْ ثَمَنِ تِلْكَ الْأَرَاضِي (دُيُونَهُ وَلَا تَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكُوا أَوْلَادًا ذُكُورًا بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ أَوْلَادٌ أَصْلًا أَوْ يَكُونَ إنَاثٌ فَقَطْ (فَيَبِيعُهَا مَنْ عَيَّنَهُ السُّلْطَانُ) الْغُزَاةَ مَثَلًا لَكِنْ لَا بِتَمَامِ الْقِيمَةِ، وَلَا لِمَنْ شَاءَ بَلْ لِأَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ ثُمَّ لِلْإِخْوَةِ ثُمَّ لِلْأَخَوَاتِ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى مَا رَتَّبُوا فِي قَوَانِينِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْدٌ مِنْ جِنْسِ مَنْ سَمَّوْهُ بِأَرْبَابِ الطَّابُو فَيَبِيعُونَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ لِمَنْ شَاءُوا (فَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْيَدَ.

وَقُلْنَا: إنَّ الْأَرْضَ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ) ؛ لِأَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَيْهِ (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِيرَاثًا لِكُلِّ الْوَرَثَةِ) مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ (بَعْدَ أَنْ يُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَيُنَفَّذَ وَصَايَاهُ فَحِرْمَانُ مَا عَدَا الْأَوْلَادَ الذُّكُورَ، وَعَدَمُ الْقَضَاءِ وَالتَّنْفِيذِ ظُلْمٌ) إذْ الْفَرْضُ عَلَى تَقْدِيرِ الْمِلْكِ (وَتَصَرُّفُهُمْ) مُبْتَدَأٌ وَبَيَانُ كَوْنِهِ ظُلْمًا أَيْ تَصَرُّفُ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ (فِيهَا) فِي الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ (وَتَصَرُّفُ مَنْ عَيَّنَهُ السُّلْطَانُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ تَصَرُّفٌ) خَبَرُهُ (فِي مِلْكِ الْغَيْرِ) إذْ الْمِلْكُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالذُّكُورِ فِي الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ لِمَنْ عَيَّنَهُ السُّلْطَانُ عَلَاقَةٌ فِي الثَّانِي (فَيَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْهَا خَبِيثًا) لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى خَبَاثَتِهِ مَا (قَالَ فِي التتارخانية رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا فَأَجَّرَهَا وَأَخَذَ غَلَّتَهَا أَوْ زَرَعَ الْأَرْضَ كِرَاءً) مِنْ الْحَبَّةِ (فَخَرَجَ مِنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015