الْمُطَهَّرَةِ (وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَحُذَيْفَةُ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُوهُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ (وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعِكْرِمَةُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ (وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ طَهَارَتُهُ إنْ بَقِيَ عَلَى طَبْعِهِ مِنْ الرِّقَّةِ وَالسَّيَلَانِ إذْ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَنْ طَبْعِهِ لَا يُسَمَّى مَاءً) وَأَنَا أَقُولُ: لَيْتَ شِعْرِي فَائِدَةُ هَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَلْ لَا يَبْعُدُ مِمَّنْ يَجْتَرِئُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْقَرِيبِ إلَى خَرْقِ الْإِجْمَاعِ الْقَوْلِيِّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ مَاءً.
(وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ دَاوُد الْأَصْفَهَانِيِّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - (أَنَّ الْأَبْوَالَ كُلَّهَا وَالْأَرْوَاثَ كُلَّهَا طَاهِرَةٌ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ (إلَّا الْآدَمِيَّ وَالثَّانِي مَذْهَبُ مَالِكٍ) إمَامِ الْمَدِينَةِ (وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ) وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَلَّ الْمَاءُ أَوْ كَثُرَ (إلَّا مَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ) اللَّوْنُ وَالرِّيحُ وَالطَّعْمُ (بِالنَّجَسِ جَارِيًا) كَانَ (أَوْ رَاكِدًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ) عَالِمُ مِصْرَ (وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْر وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ) - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - (فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ» وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّامِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ يَقْتَضِي طَاهِرِيَّةَ الْمَاءِ وَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْمَلْ الظَّاهِرِيَّةُ بِهِ لِضَعْفِهِ وَقُوَّةِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لِجَزْمِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْحُفَّاظِ بِضَعْفِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ مِمَّا قَبْلَهُ حَاصِلُهُ أَنَّ الضَّعْفَ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ سَنَدًا لِلْإِجْمَاعِ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ عَمَلِهِمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَلَمَّا وَرَدَ مَا نَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَعَ صِحَّتِهِ أَجَابَ بِقَوْلِهِ: اللَّامُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ لِلْعَهْدِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَلَا تَعَارُضَ، وَإِنَّمَا عَمِلَ مَالِكٌ بِظَاهِرِ الثَّانِي مَعَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي طَبْعِهِ إحَالَةُ الْأَشْيَاءِ إلَى نَفْسِهِ فَتُقْلَبُ النَّجَاسَةُ مَاءً مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ كَالْجِيفَةِ الْمُلْقَاةِ فِي الْمَمْلَحَةِ فَانْقَلَبَتْ مِلْحًا وَالْخَمْرُ الْمُنْقَلِبَةُ خَلًّا انْتَهَى مُلَخَّصًا أَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْفَيْضِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ جَمْعٍ مِنْهُمْ الْعِرَاقِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ لِضَعْفِ رُوَاتِهِ، وَمِنْهُمْ رُشَيْدُ بْنُ سَعْدٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ: لَا يُبَالِي عَمَّنْ رَوَى، وَأَبُو حَاتِمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَالنَّسَائِيُّ مَتْرُوكٌ وَيَحْيَى وَاهٍ.
وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى ضَعْفِهِ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ حَكَى الْعِرَاقِيُّ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِيهِ لَكِنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَحَسَّنَهُ الْيَعْمُرِيُّ لَكِنْ يَشْكُلُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْإِجْمَاعُ مَعَ مُخَالَفَةِ