وتلقب بتخريج المناط وهو تعيين العلة في الأصل بمجرد إبداء مناسبة من ذاته لا بنص ولا غيره. وفسرها أبو زيد بما لو عرض على العقول تلقته بالقبول. وهذا أقرب إلى اللغة وإثباته متعذر في مقام النظر، لإمكان أن لا يتلقاه عقل الخصم بالقبول، وتلقي غيره ليس بحجة عليه كما في العكس. فلذلك منع أبو زيد التمسك بها. وفسرها غيره بأنها وصف ظاهر منضبط يحصل من ترتب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودا، فإن كان خفيا أو غير منضبط فالمعتبر ملازمه، وهو المظنة كالعمدية في القصاص باستعمال الآلة الموضوعة للقتل عرفا. وكالمشقة في السفر في الفطر، والقصر يعتبر بالسفر الذي هو المظنة. ثم المقصود من شرع الحكم: إما جلب منفعة للعبد أو دفع مفسدة عنه أو مجموعها، وذلك إما في الدنيا كالمعاملات، أو في الأخرى، كإيجاب الطاعات وتحريم المعاصي وقد يحصل المقصود يقينا وظنا، وقد يكون الحصول ونفيه متساويين وقد يرج نفيه. فالأول كالبيع والثاني كالقصاص المترتب على القتل العمد العدوان لأن الغالب صيانة النفوس. والثالث لا مثال له على التحقيق، ويقرب منه الحد على الخمر لحفظ العقل، فإن الحصول ونفيه متساويان لتعارض كثرة الممتنعين كثرة المتقدمين. والرابع: كالحكم بصحة نكاح الآيسة لمقصود التوالد، فإن نفيه أرجح. والقائلون بالمناسبة مجموعون على الأولين، وأما الآخران فاتفقوا على اعتبارهما إذا كان المقصود ظاهرا من الوصف في غالب صور الجنس، وإلا فلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015