واستدعاءُ الحصول فرعُه.
فإن قيل: لو لم يُتصوَّرْ لم يُحكم بكونه محالا، فإنه فرعُ تصورِه، وهو مُعارَض بما يدلُّ على وقوعه شرعا؛ چ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ ? ... ? قَدْ آمَنَ چ، وكانوا مكلفين بتصديق نوحٍ مطلقا، ومن ضرورته تكليفُهم تصديقَه في عدم تصديقهم، وكُلف أبو لهب بتصديق النبي (صلى الله عليه وسلم) في إخباره، ومنه إخبارُه أنه لا يصدِّقه، فقد كلَّفه بتصديقه بعدمِ تصديقه، وفيه جمعٌ بين الضدَّين.
قلنا: الجمعُ المعلوم المحكومُ بنفيه عن الضدين هو جمعُ المختلفات، ولا يَستلزمُ تصوُّرُه منفيا عنهما تصوُّرَه مُثبَتا لهما؛ لاستلزامه التصور على خلاف الماهية، وإنما كُلفوا بتصديقه فقط، وعلمُ الله تعالى بعدم تصديقهم وإخبارُه به لا يَستلزِمُ رفعَ الإمكانَ الذاتي، لكن لو كُلفوا بعدَ علمِهم لكان من باب ما علِم المكلفُ امتناعَ وقوعِه، وذلك غيرُ واقع؛ لانتفاءِ فائدةِ التكليف، لا لأنه مستحيلٌ، وقيل: القدرةُ مقارِنةٌ للفعل، والتكليفُ سابقٌ عليه، والتكليفُ حالَ عدم القدرة تكليفٌ بما لا يُطاق. ورُدَّ: بالمنع؛ بل هي سابقةٌ عندنا بمعنى سلامةِ الآلات، وبأنه مستلزِمٌ لكون جميع التكاليفِ تكليفا بالمحال، وهو باطل بالإجماع