على قيام الليل، فأخر الوتر، ليكون آخر صلاتك وترا.
ثم اشتغل بعد ذلك بمذاكرة علم أو مطالعة كتاب، ولا تشتغل باللهو واللعب فيكبون ذلك خاتمة أعمالك قبل نومك؛ فإنما الأعمال بخواتيمها.
فإذا أردت النوم، فابسط فراشك مستقبل القبلة، ونم على يمينك كما يضطجع الميت في الحده.
واعلم أن النوم مثل الموت، واليقظة، فكن مستعدا للقائه، بأن تنام على طهارة، وتكون وصيتك مكتوبة تحت رأسك، وتنام تائبا من الذنوب، مستغفرا، عازما على ألا تعود إلى معصية. واعزم على الخير لجميع المسلمين إن بعثك الله تعالى، وتذكر أنك ستضجع في اللحدن كذلك وحيدا فريدا ليس معك إلا عملك، ولا تجزى إلا بسعيك.
ولا تستجلب النوم تكلفا بتمهيد الفرش الوطيئة؛ فإن النوم تعطيل لحياة، إلا إذا كانت وبالا عليك؛ فنومك سلامة لدينك.
واعلم أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، فلا يكن نومك بالليل والنهار أكثر من ثماني ساعات، فيكفيك إن عشت مثلا ستين سنة أن تضيع منها عشرين سنة وهو ثلث عمرك.
وأعد عند النوم سواكك وطهورك، واعزم على قيام الليل، أو على القيام قبل الصبح، فركعتان في جوف الليل كنز من كنوز البر؛ فاستكثر من كنوزك ليوم فقرك، فلن تغني عنك كنوز الدنيا إذا مت.
وقل عند نومك: باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه، فاغفر لي ذنبي؛ اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، اللهم باسم أحيا وأموت؛ أعوذ بك اللهم من شر كل ذي بشر، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم؛ اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين، وأغنني من الفقر؛ اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها، إن أمتها فاغفر لها، وإن أحييتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين؛ اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة؛ اللهم أيقظني في أحب الساعات إليك، واستعملني بأحب الاعمال إليك، لتقربني إليك زلفى، وتبعدني عن سخطك بعدا، أسألك