الْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ فِيهَا بَابَانِ: الْأَوَّلُ: فِي الْعِدَّةِ.
وَالثَّانِي: فِي الْمُتْعَةِ.
الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي الْعِدَّةِ. - وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي فَصْلَيْنِ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي عِدَّةِ الزَّوْجَاتِ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي عِدَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي عِدَّةِ الزَّوْجَاتِ وَالنَّظَرُ فِي عِدَّةِ الزَّوْجَاتِ يَنْقَسِمُ إِلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي مَعْرِفَةِ الْعِدَّةِ.
وَالثَّانِي: فِي مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْعِدَّةِ.
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: وَكُلُّ زَوْجَةٍ فَهِيَ: إِمَّا حُرَّةٌ، وَإِمَّا أَمَةٌ. وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ إِذَا طُلِّقَتْ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ: مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا.
فَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا: فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِإِجْمَاعٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] ، وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا: فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ: مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، وَغَيْرُ ذَوَاتِ الْحَيْضِ: إِمَّا صِغَارٌ وَإِمَّا يَائِسَاتٌ، وَذَوَاتُ الْحَيْضِ: إِمَّا حَوَامِلُ، وَإِمَّا جَارِيَاتٌ عَلَى عَادَاتِهِنَّ فِي الْحَيْضِ، وَإِمَّا مُرْتَفِعَاتُ الْحَيْضِ، وَإِمَّا مُسْتَحَاضَاتٌ، وَالْمُرْتَفِعَاتُ الْحَيْضِ فِي سِنِّ الْحَيْضِ: إِمَّا مُرْتَابَاتٌ بِالْحَمْلِ - أَيْ: يُحَسُّ فِي الْبَطْنِ - وَإِمَّا غَيْرُ مُرْتَابَاتٍ. وَغَيْرُ مُرْتَابَاتٍ: إِمَّا مَعْرُوفَاتُ سَبَبِ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ، وَإِمَّا غَيْرُ مَعْرُوفَاتٍ.
فَأَمَّا ذَوَاتُ الْحَيْضِ الْأَحْرَارُ الْجَارِيَاتُ فِي حَيْضِهِنَّ عَلَى الْمُعْتَادِ: فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَالْحَوَامِلُ مِنْهُنَّ عِدَّتُهُنَّ وَضْعُ حَمْلِهِنَّ، وَالْيَائِسَاتُ مِنْهُنَّ عِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] الْآيَةَ، وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] الْآيَةَ. وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْأَقْرَاءِ مَا هِيَ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الْأَطْهَارُ - أَعْنِي: الْأَزْمِنَةَ الَّتِي بَيْنَ الدَّمَّيْنِ -. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الدَّمُ نَفْسُهُ. وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ: أَمَّا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ، وَأَمَّا مِنَ الصَّحَابَةِ فَابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَائِشَةُ. وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحَيْضُ: أَمَّا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ، وَأَمَّا مِنَ الصَّحَابَةِ فَعَلِيٌّ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ.